السيناريو الذي حذر منه الاسير (أحمد إبراهيم) منذ 2006:
يقول في كتابه (الغارة على المصحف والبئر)، تحت عنوان: "الاضطرابات البناءة"، ص68 – 70:
يبدو ان الحكومة الامريكية بدافع من رغبتها في تقليص اعبائها الناجمة عن تدخلاتها العسكرية المباشرة في عدد غير محدود من دول تتجه الأن الى تغير اسلوبها، او لنقل تطوير عقيدتها السياسية. فهي بصدد احداث تغير في استراتيجياتها بالإجراءات المتخذة لتنظيم سياساتها، فلعلها تضع الان في أولوياتها مطلبها بحشد طاقات عدد من الدول والشعوب لمساعدتها في إظهار تدخلاتها وكأنها تدخلات إنسانية و من اجل الحرية والديموقراطية، كأنها تحظى بمساندة كثير من الدول و الشعوب.
وهي من اجل ذلك بحاجة الى تغير عدد من الأنظمة السياسية التي تتصف بالهشاشة .. وبالضعف البنيوي، اعتمادا على تدخلات مدروسة تهيئ لها عن طريق وسائل الاعلام و أجهزة المخابرات .. تبدأ في الأصل بتأسيس منظمات تبشر بالمنظور الأمريكي، وتضع لها قيادات على مقاس المهمة التي يراد منهم اداؤها .. فهم سيمثلون جوق للرقص الجماعي قبل و اثناء وبعد أداء الحكومة الامريكية لفصول برنامجها المتعدد الجوانب و المراحل .. انهم يعدون شعوبهم بولوج الجنة .. وبالحصول على الفردوس المفقود، وبأن المساعدات السخية والثروات الهائلة ستنهمر عليهم من السماء، بمجرد تغير النظام السياسي القائم، الذي لا يتعاون مع برامج الاستعمار الجديد .. ولا ينسجم مع خطط الرأسمالية المتوحشة والمعسكرة التي تكشر عن انيابها الان بامتداد العالم .. انه حصان طروادة الجديد، الذي يوكل اليه ادخال الغزاة الجدد الي داخل الحصن الذي لم يكونوا ليدخلوه الا بثمن باهض ويضل اهم ما في هذه النظرية الجديدة هي بساطة (السيناريو) والمشهدية التي ينفذ عن طريقها، وقلة تكاليفها بالنسبة للاستعمار الجديد، الذي لا يكون مضطرا لمواجهة ظروف الحملات العسكرية التي اعتمدها أخيرا أسلوبا لتغير أنظمة الحكم التي لا يريدها كما حدث مع العراق خلال شهر الربيع (مارس) 2003 ف.
فالمسألة تبدو كحركة مطلبية مدنية (او سلمية) .. على شكل مظاهرات او اعتصامات،
تستهدف اسقاط الشرعية عن النظام السياسي القائم وإبراز قيادات جديدة، تبدو كما لو ان الجماهير افرزتها ليصبحوا رموزا تكتسب الشرعية القانونية والدستورية بمجرد إلهامها للمتظاهرين أو المعتصمين الذين يوجدون في الشوارع على شكل عصيان مدني شامل .. يتطور إلى حركة مائجة .. وهائجة .. تولد فوضى عارمة .. تصل في نهايتها إلى إلغاء دور أجهزة الدولة السياسية والأمنية .. ليبدأ الاستيلاء على المقرات العامة .. ويبرز كموقف شامل للشعب والمجتمع .. وتقوم أجهزة الإعلام الموجّهة بإبراز ذلك كله كحدث تاريخي، وتطور سياسي كاسح .. وماحق وساحق .. مع تهميش مؤسسات المجتمع الأخرى .. وإسقاط الدولة وأجهزتها ومؤسساتها من الواجهة الإعلامية، وإخفاء كل مظاهر الرفض الأخرى .. أو النقد أو الاعتراض .. أو حتى الاختلاف .. واخفاء أي صلة للإمبريالية الامريكية وحلفائها بما يجري، واضهار الموقف وكأنه قضية من قضايا الحرية .. وموقف من مواقف حقوق الانسان و الشعوب.
·ولعل اهم مقوم من مقومات هذا البلد الجديد في العقيدة الامريكية هو افتراض جهل تلك الشعوب لمخططات الامبريالية و الاستعمار الجديد .. وجهل هذا التالي بما يراد لها او بها وخداعها عن نفسها، بتغذيتها بشعارات، ظاهرها فيه الرحمة، وباطنها من قبله العذاب .. فمثل هذا البرنامج لا يمكن ان ينفذ في بلاد تدرك موقعها في المخطط الاستراتيجية للإمبريالية.