اهم الاخبار

في ذكرى نفي الليبيين إلى الجزر الإيطالية

بقلم :  بقلم إبراهيم النعاجي 26 أكتوبر 2021

 

 

قد علمنا التاريخ أن جرائم الحرب بحق الإنسانية لا تسقط بفعل تقادم الزمن فعندما احتلت إيطاليا ليبيا مارست أبشع أنواع الجرائم ضد الشعب الليبي.

فلم يكتفي الاستعمار الإيطالي البغيض في ذلك الوقت بقصف المدن والقرى بالمدافع وإلقاء القنابل من الطائرات أو بنصب المشانق في كل مكان وإعدام الليبيين في محاكم صورية أو بقتلهم بالجملة دون محاكمة واستخدمت إيطاليا لأول مرة في التاريخ الغازات السامة وخاصة غاز الخردل الذي مات بسببه العديد من الليبيين.

لم تكتفي ايطاليا بمعركة المنشية في مدينة طرابلس التي قتل فيها أكثر من 4000 من المدنيين من رجال ونساء وأطفال لا ذنب لهم إلا أنهم كانوا ليبيين.

لم تكتفي إيطاليا بمعسكرات الإعتقال التي أقامتها على أراضي جرداء قاحلة تفتقر للأبسط مقومات الحياة وكانت هذه المعسكرات موجودة في مناطق العقيلة.. المقرون.. البريقة و الإبيار وسلوق وهون.

لم تكتفي إيطاليا بكل هذه الجرائم التي ارتكبتها ضد الشعب الليبي واستشهدا فيها ما يزيد عن"سبعمائة ألف" من الليبيين الشجعان.

بل أرتكبت أكبر وأبشع الجرائم التي ذكرتها إلا وهي جريمة الإبادة ضد الشعب الليبي لم تعرف الإنسانية نضيراً لها في تاريخ البشرية ففي يوم 26/ 10/ من عام 1911 قامت القوات الإيطالية باقتلاع الليبيين من أرضهم بدون استثناء شيوخ وأطفال رضعا ونساء حوامل وشباب في مقتبل العمر.

ونقلتهم في سفن غير معدة أصلا لنقل البشر وقامت بتكديسهم في قاع السفن فوق بعضهم البعض دون احتراماً لكرامة الإنسان ومات العديد منهم في عرض البحر قبل الوصول إلى الجزر النائية والمهجورة وقام الجنود الايطاليين بإلقاء جثث الليبيين في البحر دون تسجيل أسمائهم.

كان هدف إيطاليا من نفي الليبيين هو تفريغ الأراضي الليبية من سكانها الأصليين والقضاء على الدين الإسلامي وبالتالي تقضي على حركة الجهاد في ليبيا.

فكانت المحطة الأول لليبيين عند وصولهم إلى ايطاليا جزيرة بونزا التي ثم تجميع الليبيين فيها ثم تم توزيعهم إلى الجزر الأخرى من هذه الجزر جزيرة اوستيكا في منطقة سيشيليا حيث كانت تستخدم هذه الجزر في الأصل كسجون للمجرمين في ذلك الوقت.

ووصل عدد المنفيين إلى ما يزيد عن 5000 مات العديد منهم أي ما نسبته 31/% بسبب الأمراض والأوبئة وسوء التغذية وطريقة حبسهم في سجون تحت الأرض وكذلك عدم ملائمة المناخ الذي يختلف عن مناخ شمال أفريقيا فمات العديد منهم بسبب البرد القارص وعدم وجود أطباء للمعالجة المرضى.

وذكرت الباحثة الإيطالية " كلاوديا موفا" أن بسبب أرتفاع عدد الموتى قامت إيطاليا بإعادة استخدام المقابر القديمة التي كانت مخصصة لدفن الموتى الذين ماتوا بسبب مرض وباء الكوليرا الذي اجتاح إيطاليا في عام 1837.

أنني وأنا أكتب هذا المقال شعرت كأنني عاصرت ذلك التاريخ للحظات تاريخ استعمار إيطاليا لليبيا وتألمت كثيراً لتلك الجرائم التي أرتكبت بحقنا وحزنت على هذا الظلم الذي عاشه أجدادنا ونزلت الدموع من عيناي بحرقه من شدة القهر الذي تعرض له أجدادنا المساكين.

ستبقى مأساة المنفيين الليبيين رغم أعتذار إيطاليا في تاريخ 30/8/2008 عالقة في الذاكرة لا يمحوها التاريخ مهم مرت السنين وطالت لأنه كما نوهت في بداية المقال أن تاريخ جرائم الحرب لا تسقط بالتقادم.

فيجب على هذا الجيل أن يشير إلى هذه المأساة المرة القاسية في كل عام ويجب أن يعلم بها الجيل القادم والجيل الذي يليه.

يجب أن نشير في مناهجنا الدراسية إلى حقبة الاحتلال الايطالي بأكثر صورة ممكن ونشير إلى ذكرت نفي الليبيين بمحاضرات تلقي على طلاب جميع مراحل التعليم في ليبيا وتكون هذه المحاضرات متزامنة مع ذكرت نفي الليبيين.

يجب أن تعلمنا إيطاليا ما مصير الليبيين الذين نفوا إلى تلك الجزر؟ وما أسماء الذين ماتوا منهم؟ وأين الذين بقوى على قيد الحياة هل هم رجعوا أم بقوا في تلك الجزر؟