خديعة الأنفصال ...
* بعد حروب أهلية طويلة ومرهقة بدعم خارجي ، وتحريض إعلامي ممنهج محملا بوعود الإستقرار والأسثتمار والرفاهية التي أثرت على سكان الجنوب ، حتى تدفقوا على الاستفتاء في يناير 2011 ، وكانت نتيجته أن اختار 99% الانفصال عن جمهورية السودان .
* نشأت دولة في الجنوب بمساحة 700 ألف كيلومتر مربع ، أي 28% من مساحة السودان ، بها 65 قبيلة أهمها قبيلتي الدينكا بنسبة 40% وقبيلة النوير 20% ، تتربع على مساحة من المراعي والأراضي الزراعية والغابات الطبيعية والسطوح المائية ، ويصل أنتاجها النفطي الى 350 ألف برميل في اليوم .
* كان الكيان الصهيوني من أبرز الذين دفعوا الجنوب نحو الانفصال ، وسارع للإعتراف به دولة بعد ساعات فقط من إعلان الإنفصال ، وذلك للموقع الجيوسياسي لجنوب السودان كونها تقع في أعالي منابع نهر النيل ، مما يحقق لها مكسب حصار السودان ومصر باستغلال نهر النيل .
* لم يمر وقت طويل على الأنفصال حتى حدث الشقاق بعد عامين في 2013 بعدما عزل سيلفاكير المنتمي لقبيلة الدينكا ، نائبه رياك مشار المنتمي لقبيلة النوير ، بعد أتهامه بمحاولة أنقلاب ، رغم أن كليهما كانا ضمن الحركة الشعبية التي قادت القتال ضد الخرطوم ، فأشتعل صراع في العاصمة جوبا واجهته سياسية وجوهره قبلية ، وسرعان ما أنتقل الصراع لكل المناطق وكانت ساحته الساخنة مواقع النفط ، وقتل فيه 10 ألاف شخص وأصيب مايقارب مليون شخص بجروح متفاوته ، ونزوح 4 مليون من المدنيين ، وربع مليون في مخيمات للأمم المتحدة ، وانهارت العملة الجنوبية مقابل الدولار من 4.5 إلى 11 ، ، وجعلت أكثر من 100 ألف يتضورون جوعا ، ومليونين على حافة الجوع حسب الأمم المتحدة ، ووصل سعر كلغ دقيق القمح إلى 80 جنيه بعد أن كان بخمسة جنيهات قبل الحرب ، وتحولت الاموال لدعم الحرب بدل الاسثتمار والبني التحتية .
عاد من جديد مشار في 2015 لتوقيع اتفاقية سلام وتقاسم السلطة والثروة ، وسرعان ما أنهار الأتفاق قبل أن يجف حبره ، وأستمر الصراع والخلاف حتى قبل يومين عاد الأطراف لتوقيع أتفاقية سلام جديدة ، مازالت محل شكوك في أستمرارها .
* نتيجة للدور البريطاني القذر منذ قرن مضى في السودان بخلق توتر بين الشمال والجنوب ، حيث كتب المندوب البريطاني في القاهرة اللورد لويد 1929 بعد جولة في السودان مذكرة تقول أن اللغة العربية في الجنوب تساعد على إنتشار الإسلام ، وأوصى بإنشاء مدارس للغة الأنجليزية وتشجيع تعلمها وأحياء اللهجات المحلية ، وأرسال حملات التنصير ، وقامت بريطانيا بتشجيع طرد التجار الشماليين من الجنوب ، وهو ماشكل لاحقا النقطة الأساسية في المطالبة بالإنفصال ..
* كانت الخرافات والأساطير التي ساهم في نشرها المستعمر لازالت يعتمد عليها سكان الجنوب خاصة في ظل الجهل والأمية ، واليوم سلفاكير يؤمن أن القبعة السوداء التي على رأسه دائما تحميه من الشرور ، وأنصاره يقولون بأنّه أخذ عباءة القيادة من النبي موسى ، ونائبه مشار يقول أنه يملك العصا السحرية للقبيلة ، وأنصاره يقولون أن زعيمهم الروحي تنبأ به حاكما على الجنوب .
* الخلاصة أختفت الوعود وأختفت الدول الداعمة للأنفصال ، وأكتفوا بمشاهدة أنهار الدم والموت والجوع ، وأصبح لسان حال الجنوبيين ( ضيعناك ياسودان وضعنا وراك ) .
* مشهد جنوب السودان يعاد بنفس التحريض من شمال سوريا وجنوب اليمن حتى شرق ليبيا ، بذات الوعود والأحلام ، وللأسف هناك سذج يراهنون على الدور الغربي الذي سيقذف بهم إلى الجحيم على حساب مصالحه ، فهل من معتبر ؟ ... الفارس الليبي