الحرب الحالية التي ذهبت حد الاستقطاب الحاد والتهديد الوجودي لطرفي القتال من خلال "تتريك" طرف ووصف الاخر "بالبدو الهمج"، تدفع بالطرفين - على انعدام وطنية قياداتهم المسبقة سلفًا - إلى القبول بكل تبعية تقود لبقاءه كطرف في السلطة وتحمي حصته في الريع ، فتصريحات وزير خارجية حفتر الذي قدم وعودا فيما سبق للكيان الصهيوني بالتطبيع ، وتصريح وزير داخلية الوفاق باشا اغا اليوم ، إلى استعداده لقبول قاعدة امريكية لتجنيب التدخلات الاجنبية ، تصب كلها في هذا الاتجاه.
وهنا تكمن اشكالية الارتباطات الخارجية ، بقدر ماهي ضرورة للاطراف المقاتلة ، الا انها تدور من خلال اطراف غربية او اطراف مرتبطة اومرتهنة للغرب ، وبالتالي هذه أنسب الظروف لفرض كل الشروط على طاولة الفرقاء الليبيين ، والأسوأ هنا انه لن يكون خيار الاطراف السياسية فقط بل أيضًا الحاضنة الاجتماعية التي تقف خلفهم وستضع كل الاعذار والمبررات ، ببساطة لان على عكس مايحاول الكثيرين قوله ان القوى السياسية فقط مَن تستفيد مِن نتائج الحرب الا ان هذا تبسيط سخيف جدا ، فلا احد سيقاتل نيابة عن الاخرين ، كما انهم سيكونوا شركاء في المغرم والمغنم أيضًا ، لذلك فإضعاف الاطراف السياسية سيجر وراءه الشارع أيضًا بالقبول بكل ماترتضيه ظروف الحرب.