#مقالات 
#تقدير_موقف

⁦✍️⁩أ.. أحمد الصويعي 

ليبيا مسارات ما بعد سقوط ترهونة و ابعاد الموقف الروسي
�سيطرت مجموعات حكومة فائز السراج على ترهونة يوم الجمعة الموافق 5/يونيو/2020 تأتي السيطرة على ترهونة الموالية لخليفة حفتر و التي  تبعد عن العاصمة طرابلس ب 95 كم إلى الجنوب الشرقي، وتبدأ حدودها الجغرافية من منطقة "وادي فم ملغة" غربا إلى "بركات أوعينى" الواقعتين جغرافيا غرب مسلاتة التي تحد ترهونة شرقا. ثم من "سوق الجمعة(المصابحة)" ومدينة القره بوللي شمالا إلى وادي "أوكرة المزاوغة والمرغنة" الذي يحد بني وليد جنوبا في سياق تحول كبير تشهدهُ المعارك الدائرة  في المنطقة الغربية من ليبيا منذ اطلاق حفتر حملته العسكرية على طرابلس العاصمة في 4/ابريل /2019 تعد منطلقاً لحكومة الوفاق لاستعادة السيطرة على سرت و حقول النفط التي وصفها اردوغان بالمعركة الحساسة كاشفا عن أطماعه في الثروات الليبية و كذلك قاعدة الجفرة الجوية تمثل أحد ابرز  الأهداف لحكومة الوفاق و حليفها العثماني إن السياق العام للمعركة هو اتابع استراتيجية الانفراد بالمدن التي تسيطر عليها قوات حفتر  فإنّ تفاصيلَ ميدانية واجتماعية كثيرة تجعل لكل جبهة وضعًا خاصًا بها.
رغم سيطرة مجموعات الوفاق على عدة بلدات في غرب البلاد و وسطها لاتزال قوات حفتر  لديها قوة بشرية و معدات عسكرية بسبب الدعم الإماراتي 
معركة سرت و حسابات الهلال النفطي تضاعفت أهمية مدينة سرت بعد تقهقر قوات حفتر تحت ضربات الطيران المسير التركي و حسابات مناطق الهلال النفطي لها ابعاد سياسية فمن بيده الطاقة سيكسب أوراق ضغط دولي اكبر و المتابع للشأن الليبي ان حفتر لم يستطيع المناورة بهذه الورقة بل شكلت نقمة عليه الامر الذي دفعه لإعادة فتح الحقول مؤخراً لتجنب مزيداً من السخط الدولي سرعان ما قامت قوة خالد بني وليد التابعة لحفتر باغلاق حقل الفيل و أجبار العاملين على اغلاقه بعد ايام من فتحهِ  و لكن من المستبعد أن تكرر  قوات حكومة الوفاق استنساخ سيناريو استعادة مدن الشريط الساحلي الغربي في جبهة سرت، وأنّ عوامل عدة تحول دون تحقيق مكاسب ميدانية في هجومٍ سريعٍ ومباغت.
فلن يقبل حلفاء حفتر الاقليمين و الأجانب خسارة المزيد من الارض التي ستؤدي الى انحسار  موقفه التفاوضي و في ذات الوقت يدرك حفتر  ان خياراته محدودة كما يدرك أنّ تهاوي خطوط دفاعه المتقدمة في محاور جنوب طرابلس سينعكس، سلبيًا، على الروح المعنوية لمقاتليه، وسيضيّق مساحة حركته ميدانيًا، بما ينقل العمليات العسكرية إلى داخل المدن الشرقية فلذلك هرع للقبول بالمبادرة المصرية المعروفة بإعلان القاهرة بينما ترفضها حكومة الوفاق المدعومة من تركيا و قطر الراعي الرسمي للجماعات الاسلامية المتشددة.
و في ضفة جنوب المتوسط وقعت إيطاليا و اليونان اتفاقا جديداً لإعادة تعين المناطق البحرية في المتوسط رداً على اطماع اردوغان في التنقيب على الطاقة في عرض البحر الأبيض المتوسط 
فهل مياه المتوسط الدافئة تجلب روسيا للمنطقة إن وصول طائرات عسكرية من طراز ميغ وسوخوي إلى هذه القاعدة الاستراتيجية الذي سيجعل الأسطول السادس الامريكي المتمركز  في البحر الأبيض المتوسط عرضه للخطر  و هذا ما تعكسه  ردود فعل أميركية، يطرح أسئلة عديدة عن مهمات القوة الجوية الروسية وعن حدود الأدوار التي يمكن أن تؤديها في ظل الانتكاسة  التي لحقت بقوات حفتر و علاقة ذلك بالدعم التركي لحكومة الوفاق، والذي كان أهم أسباب انقلاب المشهد العسكري لصالحها. وفي حين، لا تزال القيادة الروسية تلتزم الصمت بشأن تفاصيل التدخل المباشر في ليبيا، اكتفت وسائل الإعلام الروسية بالإشارة إلى تصريح مقتضب لنائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الاتحاد الروسي ينفي فيه الخب  ما زاد من الشكوك بشأن النوايا الروسية وتداعيات تدخّلها الواسع في الشأن الليبي المعقد والمفتوح على احتمالات عديدة.
إن حكومة الوفاق منذ وصولها للسلطة عبر اتفاق الصخيرات سنة 2015 لم تنجح في بسط نفوذها في مختلف ارجاء البلاد لضعف يعتريها كونها منصبة و مفروضة على الشعب الليبي من الخارج الامر الذي يرجح استمرار ترنحها بين مطرقة حفتر و سندان المليشيات متعددة النفوذ السؤال الكبير الذي يطرح نفسه بقوة ماهو مستقبل ليبيا بعد تحولها لساحة لتصفية الحسابات الدولية و هل سيتم التوصل إلى حل سياسي برعاية الأمم المتحدة يضمن وحدتها مستقبلًا في دولة واحدة ذات سيادة  في نهاية المطاف على الليبين ادراك الدرس جيداً و العودة لطاولة الحوار دون إقصاء لإيجاد معالجة سياسية يقبل بها الجميع بحيث لا يحتاج أيّ طرف إلى قوى دولية تدعمه في نزاعٍ ليبي داخلي؛ فلا يوجد دعمٌ خارجي من دون ثمن.