اهم الاخبار

#تقرير..دمج مليشيا الردع الموالية لتنظيم القاعدة الإرهابي يهدد بقاء السراج الأزميري

بقلم : 03 يوليو 2020

مع دخول مليشيات عبيد السلطان التابعة لحكومة السراج الأزميري إلى طرابلس، عام 2016، أعلنت ميليشيا قوة الردع الخاصة، بقيادة عبد الرؤوف كارة، دعم مايسمى بالمجلس الرئاسي لحكومة مليشيات السراج ، ومنحه قاعدة "أبو ستة" البحرية، ليتخذها مقراً له، وكافأ المجلس الميليشيا بضمها إلى وزارة الداخلية التي شكلها.

وتتكون الميليشيا من عناصر انضموا سابقاً لمجلس طرابلس العسكري، الذي ترأسه عبد الحكيم بلحاج، قائد الجماعة الليبية المقاتلة، الموالية لتنظيم القاعدة، ويبلغ عدد أفرادها 5000 عنصر، يتخذون من قاعدة معيتيقة الجوية مقراً لها.

ومنذ ذلك التاريخ حظيت القوة بغطاء شرعي، لفرض رؤيتها الدينية المتطرفة على طرابلس، واعتقال من تشاء خارج إطار القانون، والاتجار بالبشر، وفق بيان صادر عن الأمم المتحدة، عام 2015، ورغم أنّ هذه القوة تبقى الأشدّ انضباطاً مقارنةً ببقية الميليشيات، والأكثر خبرةً، إلا أنّ احتفاظها بهيكلها ومعداتها واستقلالها يعيق فكرة إنشاء قوى أمنية حديثة، كما أنّ هناك شكوكاً قوية حول التزام أفرادها بتنفيذ قانون مدني حديث، كون أغلبهم ينتمون إلى عناصر دينية متطرفة.

ويرى الصحفي المتخصص في الشأن التركي والعربي، محمود السويفي؛ أنّ دمج قوة الردع الخاصة لم يغيّر من سلوكها الإجرامي أيّ شيء.

وتصديقاً لما سبق؛ جاء في تقرير منظمة العفو الدولية، لعامَي 2018 و2019، اتهامات لقوة الردع الخاصة، وجاء في تقرير 2019: "في سجن معيتيقة، الواقع على الأطراف الشرقية للعاصمة طرابلس، والذي تديره "قوة الردع الخاصة"، وهي ميليشيا تتبع "حكومة مليشيات السراج" التي تتولى سداد رواتب أعضائها، احتُجز مئات المعتقلين إلى أجل غير مسمى، دون أيّة إجراءات قضائية، ووُضعُوا في زنازين مكتظَّة دون ما يكفي من الطعام أو الماء، وحُرموا من الحصول على الخدمات الطبية".

ونظراً لإدراك القوة أنّ كلّ ما يوجد في طرابلس من وزارة داخلية وجيش هم عبارة عن ميليشيات؛ رفضت الرضوخ لأيّ ضغوط من فتحي باشاغا بالانضواء فعلياً تحت وزارة ماتسمى بوزارة الداخلية، وبسبب ارتباطها بعلاقة قوية بشخص فايز السراج؛ فقد تمتعت بمميزات كبرى، كان أهمها القرار رقم (555) لعام 2018، الذي نصّ على تحويل القوة إلى "جهاز الردع لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب".

وينصّ القانون على إعادة هيكلة قوة الردع الخاصة، وضمّ جميع منتسبيها إلى جهاز أمني جديد (جهاز الردع)، بمعداتهم ورواتبهم ومقراتهم، ومنحها صلاحيات موسعة منها؛ مراقبة الاتصالات ومواقع التواصل الاجتماعي، ومنح أعضاء الجهاز صفة "مأموري الضبط القضائي"، ومصادرة الأموال والأملاك المضبوطة وتخصيصها لتمويل الجهاز.

,يكشف ذلك فشل عملية دمج الميليشيات في وزارة داخلية حديثة؛ إذ شرعن القانون السابق عمليات النهب والابتزاز التي تقوم بها الميليشيا بحقّ كلّ من تراه مخالفاً لمبادئها الدينية السلفية، وفتح الباب أمام تحول الميليشيا إلى قوة إجرامية فوق القانون، فإذا كان الحال هكذا مع الميليشيا الأشد انضباطاً، فكيف الحال بالميليشيات الأخرى الأكثر فوضوية؟

الافتقار لمنهج للدمج

ومن خلال تتبع عمل داخلية مليشيات السراج، يرى السويفي أنّ "الوزارة نفسها موبوءة بالفساد والعمل خارج القانون"، وذكر لـ "حفريات" قضية تورط أفراد من مكتب باشاغا في خطف رضا قرقاب، وكيل ديوان المحاسبة، بسبب كشفه لقضايا فساد كبرى داخل الوزارة، تمسّ شخصيات على صلة بباشاغا، إضافة إلى حادث تورط عناصر من داخلية حكومة مليشيات السراج مع ميليشيا احتجزت 51 باكستانياً خلال الفترة الماضية، للمطالبة بفدية.

أمّا عن تدريب ضباط الأمن فيتمّ في تركيا؛ حيث تمّ إنشاء أكاديمية لتدريب الشرطة الليبية فيها، وهو ما يعدّ مثالاً سيئاً يبني باشاغا عليه قوات الشرطة المدنية؛ حيث لا تملك تركيا ما تقدمه لهم سوى انتهاك حقوق الإنسان والاعتقالات غير القانونية والقمع، وفق ما يرى الصحفي السويفي.

علاوة على ذلك؛ يمثّل الصراع بين السراج وباشاغا عقبة في طريق إنشاء قوى أمنية حديثة؛ إذ يحتفظ كلّ منهما بميليشيات موالية، كما أنّ هذه الميليشيات ترتبط بمصالح مادية، تتمثّل في سيطرة كلّ منها على مورد مهم، أو مؤسسة اقتصادية حكومية، ولن تقبل بتسليم مصادر سيطرتها لوزير محسوب على ميليشيات منافسة.

وتبقى أمام باشاغا التضحية بالميليشيات التي تعمل بشكل منفرد، ولا تحظى بحماية أعضاء كبار في حكومة مليشيات السراج ، ومن أبرز هذه الميليشيات؛ النواصي، وباب تاجوراء، وثوار طرابلس، إلى جانب قوة 2020، التي تتبع جهاز الردع ويقودها محمود حمزة.

وهناك تفاهم بين عبد الرؤوف كارة، آمر مليشيا الردع، وباشاغا، حول حلّ قوة 2020، بعد أنّ رفضت القتال في صفوف حكومة مليشيات السراج الأزميري أثناء محاولة تحرير العاصمة.

ولا تغفل الميليشيات الموضوعة في قوائم التفكيك عن نية باشاغا؛ إذ تابعت اجتماعات الوزير منذ 2018 مع الولايات المتحدة، ودخلت عدة مرات في صراعات مسلحة مع داخلية باشاغا، والميليشيات المصراتية الداعمة لها.

ومن الغريب عدم إثارة المسؤولين الأمريكيين ملف المرتزقة الذين جلبهم أردوغان، رغم ارتباط عدد غير قليل منهم بتنظيمات إرهابية، وفق قوائم الأمم المتحدة وواشنطن، لكن يبدو أنّ واشنطن لم تنتهِ بعد من أردوغان ومرتزقته، وتبقيهم، ربما لتستخدمهم كورقة ضغط في إطار صراع المصالح في ليبيا.