منذ انطلاق خديعة الربيع العربي في بلادنا تكاثرت مجموعة من المنظمات وتنوعت،وتسترت تحت عناوين مختلفة كالعمل الخيري والأخلاقي والإنساني والتعليمي والثقافي .تتمتع هذه المنظمات بتمويل خارجي كبير على النحو التالي : مصادر تمويل من الحكومة الأمريكية مباشرة مصادر تمويل من مؤسسات أمريكية غير حكومية مصادر تمويل من إوروبا وخاصة ألمانيا وفرنسا وبريطانيا
وتعددت جنسيتها من منظمات محلية أهلية لكنها مربوطة تمويلاً ودعما بمنظمات خارجية مثل :المنظمات النسائية التي المعنية بالأسرة والمرأة والطفل.والمنظمات الشبابية التي تهتم بالشباب والمنظمات الخيرية والأخلاقية والإنسانية.وهناك منظمات محلية هي فرع عن منظمات دولية عالمية مثل :- منظمة "روتاري" وتختص بتوفير المنح الدراسية والمهنية كما توفر دعما مالياً للمشاريع الذاتية وميزانيتها فاقت 150مليون دولار.
منظمة "نوادي ليونز" شعارها حرية ذكاء وامن لشعبنا " يقصد به الشعب اليهودي "وهو فرع للماسونية وتهدف لافساد الشباب وضرب القيم والمثل الأسلامية.
منظمة "دريم سيتي" وتهدف إلى الترويج للثقافة الغربية ومفاهيمها وقيمها باسم التبادل الثقافي وأحياء التراث- منظمات الكيداني والاكستشانج والمائدة المستديرة والقلم وتساعد المكفوفين والفقراء وفاقدي السند وهو غطاؤها للترويج للشذوذ والألحاد والثقافة الغربية .
أما القسم الثالث من المنظمات فهو ماكان في شكل لجان اقتصادية مثل :- اللجنة المهتمة بمجلس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا - لجنة النشاطات وتجميع التبرعات- لجنة الشركات الأمريكية وهذه اللجان تقوم بدور تسهيل الأرتباط للشركات المحلية بالشركات الأمريكية .وهناك نوع آخر من هذه المنظمات وهي تلك المنظمات الدولية التي فتحت لها فروع في بلادنا مثل : - أطباء بلا حدود ومراسلون بلا حدود : عملها دعم الانفصاليين وتكوين العملاء والمخبرين وتشجيع الأقليات على الأنفصال كما حدث في السودان وتيمور الشرقية .- معهد الصحافة للسلم والحرب البريطاني : يقوم بتدريب المراسلين على اعداد التقارير المعمقة والشاملة على الأوضاع في البلاد وذلك من أجل توجيه الرأي العام الوجهة التي يريدونها وصياغته بما يخدم الاستراتيجية الاستعمارية تحت عنوان الحرية والعدالة والحيادية .قام هذا المعهد بدور خطير في تونس اذ ابتدا العمل منذ سنتين ونجح في تكوين مجموعة من الإعلاميين والمراسلين والصحافيين ليكونوا هم نواة العمل الاستخباراتي مستقبلا .وبذلك يكون قد أنهى عمله في تونس وهو يستعد للانتقال إلى سوريا .ربما آخر ندوة يشرف عليها هي تلك التي انعقدت يوم الخميس 29 اوت 2013م بفندق المشتل قولدن توليت بالاشتراك مع منتدى نور وجمعية الصحافيين الشبان وقد كان الحضور يتكون من عمرو الكحكي صاحب قنوات النهار وفؤاد عبد الرازق مدير برامج أخبارية في بي بي سي سابقا .وزين العابدين توفيق إعلامي بقناة الجزيرة وسليم عزوز رئيس تحرير صحيفة الأحرار المصرية وعبد الباسط حسن رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان .كما حضر من تونس كل صلاح الدين الجورشي وجمال الزرن أستاذ في معهد الصحافة ورؤوف بالي رئيس جمعية الصحافيين الشبان وزياد الهاني نقابي ومريم بن حسين إعلامية والحبيب بو عجيلة جامعي ومدير الأخبار في قناة المتوسط وغيرهم .ماهو دور هذه المنظمات ؟بل ما هو الدور الذي تلعبه منظمات المجتمع المدني تحت غطاء العمل الخيري والإعلامي والحقوقي ؟بواسطة هذه المنظمات تتغلغل القوى الاستعمارية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية داخل المجتمع وتقوم بتسويق المشروع الأمريكي الجديد باسم حقوق الإنسان والكرامة والحرية والحكم الصالح والديمقراطية .وتقوم الأدارة الأمريكية بضخ أموال طائلة لها مباشرة او غير مباشرة .وغطاء هذه الأموال هو المساعدة في بناء الديمقراطية والتنمية.
تقوم هذه المنظمات بالتجنيد الاستخباراتي لعدد من النخب السياسية والإعلامية والفكرية وتمويلهم لبناء مؤسسات من الصفر تقوم بالترويج للسياسات الأمريكية .
تمويل المنظمات الأهلية القائمة بالفعل لاتخاذ مواقف سياسية محددة سلفا تخدم مصالح أمريكا وسياساتها ،الدعم المادي والسياسي لمنظمات حقوق الإنسان وتجنيدهم من خلال المؤتمرات الدولية وتوظيفهم كمستشارين وأكادميين لخدمة السياسة الأمريكية .ومن يقع في شراك هذه المنظمات الخبيثة من السياسيين والإعلاميين والحقوقيين في الغالب لا يعرف انه أصبح عميلاً وخادما للاستعمار وموجها للترويج للسياسة الاستعمارية الغربية لانهم يزرعون فيه قناعات فكرية معينة ثم يستغلونه لديهم لخدمة سياساتهم وهو يظن انه يناضل من أجل قناعاته الفكرية .لماذا تعول أمريكا على منظمات المجتمع المدني للاستعمار؟؟
لانها الأقدر على رصد التغيرات داخل المجتمع بطرق شرعية وقانونية .تمكن هذه المنظمات الأجهزة الاستخبارية من الحصول على المعلومات الضرورية بطرق قانونية .تستقصي هذه المعلومات لرصد تحركات الشعوب فتسارع لصياغتها بما يخدم مصالح المستعمر .دور المنظمات في مشروع الشرق الاوسط الكبير :كان دورها بارزا لتنطلي حيلة الربيع العربي على الناس من خلال : الترويج للاشاعات والأكاذيب، استنفار الناس وتجييشهم ضد الحاكم دون الأشارة للنظام الذي هو سبب الازمات ، تنظيم التحركات الشعبية واختيار الشعارات ، تقديم الرشاوي للمتنفذين وللقياديين المؤثرين ، ضبط حركة الشارع حتى لا تنفلت الامور وقد قامت المخابرات الامريكية ووزارة الخارجية بتحمل القسط الاكبر من تمويل هذه المنظمات لتقوم بدورها في الاطاحة بالحكام والرؤساء الطواغيت وخاصة في تونس واليمن ومصر والان في سوريا دون ان يؤدي ذلك لتغيير في البلاد وهكذا امتصت امريكا حركة غضب الشارع بل واستغلتها من اجل ضمان بقاء استعمارها , فنجحت في اصطناع ثورات بعمل مخابراتي استخباري ناجح لم تطلق فيه رصاصة أمريكية واحدة ولا خسرت جندياً أمريكيا واحدا.اهم طرق أمريكا للسيطرة على الشارع وتحركات الشعوب :دخلت أمريكا للبلاد وانفذت سياساتها ورسخت استعمارها من خلال مجموعة ادوات منها :مبادرة الشراكة مع الشرق الأوسط : أطلقتها الخارجية الأمريكية في 2002م وتسمى اختصارا " ميبي " وتقوم بدور مساعدة المنظمات الأهلية .في 2008م أعلن مكتبها في تونس عن بدء تقديم المساعدات " 3 مليون دولار " .
وقد ركزت على الجمعيات النسائية والمنظمات المهنية " منحت مساعدات ب 430م د في 17بلدا"في 2008م كذلك فتحت هذه المنظمة باب الالتحاق والترشيح لصنع العملاء والمخبرين من أبناء البلد .أطلقت السفارة الأمريكية في تونس برنامج " ميبي " تحت عنوان " المبادرة للتحول في تونس " وقد وقع تخصيص 50مليون دولار له . هذا البرنامج يشمل ادارة برامج في كل من الجزائر ومصر ولبنان وليبيا وتونس واسرائيل .ينظم هذا المكتب بتونس مؤتمرات اقليمية " مؤتمرات نساء الاعمال ..مؤتمرات القادة الطلاب ..تدريب سيدات الأعمال الشابات "وفي 2011م مولت " ميبي " منظمة " منتدى المواطنة " في برنامج شراكة مع نادي اليونسكو بباردو من اجل تكوين القيادات الشبابية بحسب الرؤية الأمريكية .في هذا البرنامج تم التسويق للاجندات الأمريكية المتعلقة بالمنطقة ومنها أهم نقطتين في المشروع وهما: ترسيخ التشارك في الحكم * التسوية النهائية للصراع العربي الاسرائيلي واعلنت مسؤولة البرنامج حينها تخصيص 20مليون دولار لدعم التحول في تونس .2- الوكالة الامريكية USAID : تقوم هذه الوكالة بممارسة نشاطاتها الاستخبارية تحت واجهات تنموية وخيرية وانسانية في تونس رصدت هذه الوكالة اكثر من 60مليون دولار منها 7 مليون دولار لسيدي بوزيد وقفصة ومدنين وتطاوين في 2011 وفي تعتيم شديد التقى مدير الوكالة الأمريكية عشرات الاحزاب والمنظمات والوزراء والمسؤولين وذلك في زيارة قام بها الى تونس .أخطر اعمالها تمويل مدارس المواطنة وهي نواد يتم فيها اختطاف النجباء من التلاميذ وتجنيدهم منذ الصغر لخدمة السياسة الاستعمارية الامريكية في بلدانهم وذلك بعد سلخهم عن بيئتهم واوساطهم .وليس عجيبا 95% من التلاميذ يبقون في اوروبا او امريكا ولا يعودون .أطلقت هذه الوكالة برنامج " شبكات المجتمع المدني الاقليمية " من أجل جمع اكبر قاعدة بيانات حول حياة الناس في البلاد مع الترويج للمفاهيم والقيم الغربية والحلول السياسية الامريكية كالتطبيع وحوار الاديان .ولعل " جمعية المواطنة " من اخطر الاوبئة السرطانية .مركز دراسة الاسلام والديمقراطية CSID :قام على انشائه جون اسبوزيتو مدير مركز الوليد بن طلال للحوار الاسلامي المسيحي بجامعة جورج واشنطن وقد كان مستشارا في وزارة الخارجية الامريكية .* كانت لجون اسبوزيتو علاقة قوية بجماعة الاخوان " طه العلواني واحمد يوسف "* رضوان المصمودي من ضمن مجلس الادارة وقد اصبح من اكبر مسوقي النموذج الامريكي .ماهو النموذج المراد تطبيقه بعد خديعة الربيع العربي؟في رسالة فاضحة تشمئز منها النفوس بتاريخ 22-5-2009م وموقعة من العديد من السياسيين والمفكرين والاعلاميين الذين نجحت امريكا في صقل عقولهم ومواهبهم " ومن هؤلاء المنصف المرزوقي ولطفي زيتون وطبعا لا ننسى العراب رضوان المصمودي " استنجد فيها هؤلاء المضبوعين بما علمتهم امريكا بالرئيس الامريكي اوباما لتعميم النموذج الديمقراطي الامريكي على المنطقة .وطلبوا بدعم الاحزاب المعتدلة مشددين على التمسك بالنموذج الديمقراطي الأمريكي .ثم جاءت اواخر 2010م وانطلقت مجموعة احداث قادها هم انفسهم من صنعتهم هذه المنظمات باموال امريكية وأوروبية وتلقوا تلقينا وممارسة ماذا يفعلون واين يحركون الجماهير والى اين .وفي النهاية نعم يسقط الحكام ويتخدر الناس ويقضون السنوات وهم يمجدون ثورتهم وبطولاتهم ويصفونها تارة بثورة الياسمين واخرى بثورة الشباب او ثورة الربيع .ولا يقفون على الحقيقة وهو نفس المشروع الذي كانت تعد له هذه المنظمات تحت اشراف الاجهزة والوكالات الأمريكية وهو صناعة ثورات تجدد للاستعمار الأمريكي بسايكس بيكو جديدة لا دور فيه للجيوش ولا للدولة .فالجيش لم يعد يحتاج لا للعتاد ولا لكثرة الجنود لانه زمن السلم والحوار والتسامح .ولا الدولة يجب ان تستمر هي وحدها في التحكم بالحياة السياسية فلا بد من تفتيتها وتوزيع الرعاية على منظمات المجتمع المدني وبذلك يسهل على امريكا التحكم في الحكام وفي الشعوب وفي الجيوش .اي هو استعمار خطير لعقود اخرى .فالشعوب الان تسقى خمرا معتقةوقليل هم من يعقلون او يفهمون .وقد نحتاج لسنوات قبل ان يدرك الجميع ماذا يعني وهم الربيع العربي