قضت لجنة المراجعة الاسكتلندية، اليوم الأربعاء، أنه يمكن لعائلة المرحوم عبدالباسط المقرحي الذي أُدين في قضية تفجير طائرة ركاب أمريكية فوق لوكربي باسكتنلدا عام 1988م، استئناف الحكم بإدانته بعد أن خلُصت إلى أنه ربما حدث إجهاض للعدالة.
وقالت اللجنة الاسكتلندية لمراجعة القضايا الجنائية، في بيان لها، نقلته وكالة “رويتزر” البريطانية، طالعته وترجمته “أوج”، إنها أحالت الحكم بإدانة عبد الباسط المقرحي للمحكمة العليا في اسكتلندا، وهي المرة الثانية التي تُمنح فيها اللجنة تصريحًا للطعن في الحكم.
وتابعت: “تعتقد اللجنة الآن أنه ربما حدث إساءة لتطبيق العدالة في قضية المقرحي”، موضحة أن هناك سببين لقرارها هما أن حكم الإدانة غير معقول، وأن دليل الإدانة لم يُكشف عنه النقاب”.
وحسب البيان، قال بيل ماثيوس رئيس اللجنة: “نشير إلى أنه أتيحت معلومات إضافية منذ مراجعتنا الأخيرة، بينها ما هو مشاع، واللجنة تدرسها الآن وتُقيمها، وأنا على يقين بأن المسألة ترجع الآن للجهة الملائمة “المحكمة العليا” لتنظر في كل القضايا المثارة في بيان الأسباب التي نقدمها”.
صراع دولي لتسليم المقرحي وفحيمة
دخلت ليبيا في صراع مع المجتمع الدولي، وفي مقدّمته بريطانيا والولايات المتحدة، كانت نتيجته إصدار قرار من مجلس الأمن عام 1992م، يحمل الرقم 748 يوجب على ليبيا الاستجابة لطلب الدولتين بتسليم عبد الباسط المقرحي، ومدير مكتب الخطوط الجوية الليبية في مالطا، الأمين خليفة فحيمة.
إلا أن ليبيا رفضت، فكان توقيع العقوبات في 15 الطير/أبريل 1992م، وتبعه القرار رقم 883، الذي طوّر العقوبات المفروضة لتشمل حظر الطيران من ليبيا وإليها، ومنع تصدير الأسلحة، وتقليص العلاقات التجارية والدبلوماسية معها.
وبدأت ليبيا وقتها بقيادة القائد الشهيد معمر القذافي، تحركًا دوليًا واسعًا يستهدف القبول بمحاكمة المقرحي وفحيمة في بلد ثالث، وفي 24 هانيبال/أغسطس 1998م، قبلت واشنطن ولندن بمحاكمة الليبيّين في هولندا بحسب القوانين الاسكتلندية، فوافقت ليبيا بعد الرضوخ لمطالبها.
جهود الدكتور سيف الإسلام
وصل المرحوم عبد الباسط المقرحي، إلى العاصمة طرابلس يوم 20 هانيبال/أغسطس 2009م، عقب الإفراج عنه من سجن في اسكتلندا، وهبطت الطائرة التي كانت تقل المقرحي في مطار معيتيقة الدولي وكان في استقباله حشد كبير من المواطنين الليبيين.
ورافق الدكتور سيف الإسلام القذافي، المقرحي خلال رحلته هذه إلى طرابلس، مؤكدًا أن هناك الكثير من الأدلة والمعطيات والحقائق الجديدة التي تؤكد براءة المقرحي والتي يمكن أن يتم التوصل إليها يوما ما.
وأعلن الدكتور سيف الإسلام القذافي، وقتها أن قضية المرحوم عبد الباسط المقرحي، كانت حاضرة دائمًا خلال بحث العلاقات التجارية بين ليبيا وبريطانيا، موضحًا أنه تم طرح قضية المقرحي عند بحث عقود النفط والغاز مع الجانب البريطاني.
وأشار إلى أن هذه القضية أثُيرت مع رئيس الوزراء البريطاني السابق، توني بلير مرارًا، مؤكدًا أن إطلاق سراح المقرحي كان حاضرًا على طاولة المفاوضات خلال بحث عقود النفط.
قضية لوكربي
وانفجرت طائرة الركاب التابعة لشركة “بان أميركان” في رحلتها رقم 103 فوق بلدة لوكربي في الكانون/ديسمبر 1988م، في طريقها من لندن إلى نيويورك مما تسبب في مقتل 270 شخصا كانوا على متنها؛ معظمهم أميركيون كانوا في طريقهم إلى بلادهم للاحتفال بعيد الميلاد.
وفي عام 2001م، حُكم على ضابط المخابرات الليبي، المرحوم عبد الباسط المقرحي، بالسجن مدى الحياة عقب إدانته بقتل 243 راكبا و16شخصا من طاقم الطائرة و11 شخصا من سكان لوكربي، على الأرض، في الهجوم.
وتوفي المرحوم المقرحي في ليبيا عام 2012م، بعدما ظل يدفع ببراءته بعد ثلاث سنوات من إطلاق سراحه بقرار من الحكومة الاسكتلندية لأسباب إنسانية بعد تشخيص حالته على أنه مريض بسرطان في مراحله الأخيرة.
وحسب “رويتزر”، استأنف المقرحي لأول مرة في عام 2002م، ولكن المحكمة العليا في اسكتلندا رفضت ذلك، وفي عام 2003م، قدم التماسًا إلى اللجنة الدائمة لمجلس الأمن والثاني والإحالة، وأُحيلت القضية إلى المحكمة العليا للاستئناف الثاني في عام 2007م، لكنه تخلى عن ذلك في عام 2009م، قبل عودته إلى ليبيا، وفي عام 2017م، طلبت عائلته بالنظر في القضية مرة أخرى.
وتتعامل اللجنة الاسكتلندية لمراجعة القضايا الجنائية وحقوق الإنسان مع حالات إجهاض للعدالة، وتزعم أنها “مستقلة عن البرلمان والحكومة الاسكتلندية والرئاسة والقضاء والدفاع”.
وفي وقت مبكر من الماء/مايو 2018م، صرحت اللجنة بأنه “لمصلحة العدالة” فقد طلبت من أسرة المُدان الليبي الطعن على الحكم، مشيرة إلى أنها في ذلك الوقت أرادت إجراء “مراجعة شاملة”، مؤكدة أن تلك المراجعة اكتملت الآن تقريبًا، وفقًا لتقرير “فيلت آم سونتاج”.
ولا يزال التحقيق الأولي في قضية لوكربي رقم (50Js 42.401/88) معلقًا في مكتب المدعي العام في فرانكفورت، الذي قال لـ”فيلت آم سونتاج”، إن السلطة تدعم الاسكتلنديين حاليًا في ألمانيا عن طريق المساعدة القانونية وجلسات استماع الشهود، حيث فُقد في الحادث أربعة ألمان؛ امرأتان ورجلان من بافاريا وبادن فورتمبيرغ وساكسونيا السفلى وشمال الراين وستفاليا”.