على مدى أربعة أيام من الحوار السياسي الليبي في تونس، لا يزال هناك تعتيم إعلامي كامل من جانب البعثة الأممية للدعم في ليبيا، على ما يدور في أروقة المؤتمر، رغم وعد سابق من ستيفاني ويليامز، ولكنه لم ينفذ بأن تنقل مختلف جلسات الحوار السياسي على الهواء مباشرة.
لكن وفق "تسريبات" عدة وشواهد قبل انعقاد المؤتمر وخلاله، فإن "عملية تونس" تبدو مسيّسة وبعيدة تماما عن التوافق الليبي – الليبي، وتسيسها يعود إلى رغبة دولية في فترة انتقالية جديدة في ليبيا بتوقيع تنظيم الإخوان وحضورهم، لذلك كان أكثر من ثلثي الحاضرين في تونس نحو 43 عضوا من إجمالي 75 عضوا ينتمون لتنظيم الإخوان أو على علاقة مباشرة بالميليشيات المسلحة.
ومن خلال بعض التصريحات الصحفية لبعض المشاركين، والتي تمكنت من التسرب إلى العلن، فقد بدا واضحاً التباين في الآراء والخلافات الدائرة في قلب الملتقى على أمور "أساسية ومصيرية" بالنسبة لمستقبل ليبيا.
وفي حين استطاع المشاركون في الملتقى اليوم، الاتّفاق على تنظيم انتخابات في غضون 18 شهراً، ياتي هذا في ظل خلاف حاد بشأن الاتفاق على تعيين المناصب الرئيسية في الدولة من رئاسة المجلس الرئاسي ورئيس وأعضاء الحكومة الجديدة في المرحلة الانتقالية لحين الوصول الى الانتخابات المرتقبة.
من الأسماء التي تم طرحها بقوة في هذا الحوار، شخصيات معروفة على الساحة الليبية مدعومة تاريخياً أو مندمجة في تيار جماعة الاخوان المسلمين الطامح للحكم والسلطة بشتى أنواع الوسائل الممكنة وغير الممكنة.
والمعروف عن جماعة الاخوان، بأن ليس لديهم دعم ظاهر في ليبيا ويمثلون قلة قليلة من أبناء الشعب الليبي، ولكنهم مدعومون بشدة من قوى سياسية عديدة في الولايات المتحدة الأمريكية لأنهم يحققون مصالحها في البلدان العربية.
ومن هذه الأسماء، وفق التسريبات، يبرز اسم وزير الداخلية في حكومة ميليشيات الوفاق، الغير شرعية، فتحي باشاغا الذي ضاق الليبييون به ذرعاً بسبب تجاوزاته القانونية وسلبه للمال العام وخلفيته الاجرامية في السنوات العشر الماضية.
كما يتشاطر خالد المشري، رئيس مايسمى بمجلس الدولة الاخواني في ليبيا، نفس الدعم لأنه إخواني بامتياز كما يمتاز بسوابق اجرامية ومتهم أيضاً بالفساد واختلاس المال الليبي العام .
وهنا يمكن الاستنتاج بأن ستيفاني ويليامز، رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم الى ليبيا، ومن خلفها القوى السياسية البارزة في الولايات المتحدة :تسيّس: أعمال الملتقى، وتسعى لخلق سلطة ليبية جديدة تابعة، تدور في فلك النظام الغربي الأمريكي وتحقق مصالحه، بصرف النظر عن احتياجات ومشاكل المواطنين الليبيين ضاربة عرض الحائط بحق الليبيين، في تقرير مصيرهم وحريتهم في انتخاب قياداتهم.
فالملتقى عبارة عن محاولات غربية لاستدراج ليبيا الى المستنقع الإخواني وإغراقها في دوامة أخرى.
وهذا ايضا ما كشفته "شواهد وتسريبات" أخرى صادمة، فقد تضمنت مذكرة صلاحيات :المجلس الرئاسي الليبي الجديد "المعروضة، على الملتقى السياسي، بندا (يحصن اتفاقيات الرئيس التركي أردوغان مع فايز السراج، خلال المرحلة الانتقالية، وذلك بما يضمن التواجد العسكري التركي في ليبيا).
ونصت الفقرة العاشرة من المادة السادسة لمذكرة صلاحيات المجلس الرئاسي، وكشفتها "سكاي نيوز عربية"، والمقدمة للملتقى السياسي الليبي في تونس للتوقيع عليها، أن “لا تنظر السلطة التنفيذية خلال المرحلة التمهيدية في اتفاقيات أو قرارات جديدة (أو سابقة) بما يضر باستقرار العلاقات الخارجية لدولة ليبيا أو يلقي عليها التزامات طويلة الأمد".
ويعطل النص الجديد، المعروض على الملتقى في تونس، اتفاق اللجنة العسكرية 5+5 بخصوص بدء مغادرة المرتزقة والأجانب لليبيا، كما يأتي متضاربا مع قيمة وجدوى المجلس الرئاسي الليبي أو الحكومة الجديدة المزمع إعلانهما نهاية الاجتماعات في 16 من الشهر الجاري، كما يحجم الاقتراب من الاتفاقيات المشبوهة التي وقعها السراج مع تركيا
..هكذا يبدو الملتقى استدراج خبيث للمستنقع التركي الإخواني، والتفاف حول الرغبة الليبية الصادقة لدى الكثيرين في الحل