#تقارير :
تقرير عن ذراع الإرهاب المأجورة لاردوغان والتنظيم الدولي لجماعة الإخوان الإرهابية ، جيش اردوغان الموازي للجيش التركي شركة ( صادات ) التركية للاستشارات الدفاعية والأمنية
#منقول : موقع بروكار برس ـ خاص ـ عبده الأسدي ..
شكّل سقوط أول مرتزق من فصيل "فرقة السلطان مراد" التابعة لتركيا في ليبيا، وتصويت البرلمان التركي على الموافقة على إرسال قوات عسكرية تركية إلى ليبيا مناسبة جديرة بالاهتمام، لتسليط الضوء على الشركات الأمنية التركية العاملة داخل وخارج تركيا، ولعل أهم هذه الشركات وأكثرها إثارة للاهتمام: شركة سادات SADAT للاستشارات الدفاعية الدولية الأمنية التركية الخاصة.
الملاحظ في السياسة التركية أن تحركاتها باتت أكثر حضوراً تجاه العالم العربي، فبعد غياب استمر عقودا طويلة، أصبحت الذراع التركية حاضرة في كثير من البلدان العربية، حضورا يشي بأن وراء الأكمة ما وراؤها.
مؤسسات وجمعيات تركية، يشك أنها تعمل بشكل حثيث لتوسيع النفوذ التركي، والعمل على تسويغه واختلاق مبررات حضوره، منها مؤسسات الخدمة والتمويل، التي تمثل الوجه الناعم لوجود تركيا في العالم العربي، لكن ما لا يتم تسليط الضوء عليه تلك المؤسسات العسكرية والأمنية والتي تقدم نفسها على أنها شركات استشارية أمنية، تحيط بها العديد من علامات الاستفهام.
في هذا التقرير سوف نحاول، أن نلّم بخبايا واحدة من أهم الشركات الأمنية في تركيا، ذات الوجود الفاعل من سوريا إلى ليبيا مرورا بقطاع غزة، وليس بعيداً عن العراق.
أسئلة كثيرة تُطرح حول شركة سادات، من هي، وكيف تأسست؟ وما هي الجهات الداعمة لها؟ وما هي وظيفتها؟ وما هي استراتيجيتها؟ وما علاقة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بها؟ هل هي ذراع أردوغان العسكري في المنطقة؟ أم أن مهماتها أمنية فقط تنحصر في حماية شخص الرئيس وحاشيته؟ وأين ساحات عملها؟ وغيرها من الأسئلة سنحاول في هذا التقرير الإجابة عنها.
كيف أسست شركة سادات SADAT؟
شركة سادات SADAT هي شركة الاستشارات الدفاعية الدولية الأمنية التركية الخاصة، نشأت بالتزامن مع تشكيل جماعات شبابية مؤهلة لحمل السلاح، وخوض المعارك والحروب النظامية وغير النظامية بهدف تحصين أركان السلطة بدعم من حكومة حزب العدالة والتنمية
يعود تاريخ تأسيس شركة سادات SADAT إلى العام 2011 من قبل 23 ضابطًا وصف ضباط متقاعدين من مختلف وحدات القوات المسلحة التركية، برئاسة عدنان تنري فردي، بهدف تنفيذ عمليات بعضها مُعلن والآخر سري في مناطق عديدة من العالم.
ووفق الموقع الرسمي للشركة فإن استراتيجية الشركة الأولى والوحيدة في تركيا التي توفر الخدمات الاستشارية والتدريبات العسكرية في مجال الدفاع الدولي، وهي تقدم خدمات عسكرية وأمنية ودفاعية واستشارية، واضعة من ضمن أهدافها تعزيز مكانة العالم الإسلامي بين الدول العظمى من خلال تقديم الخدمات الأمنية لما سمي بـ "التحالف الإسلامي"، وتحقيق الاكتفاء الذاتي على الصعيد الأمني و"عدم التبعية للدول الغربية، ذات الفكر "الصليبي " الأمر الذي يعكس توجها إسلامياً سياسياً واضحا في دلالاته ومعانيه وأهدافه الآنية والمستقبلية
ويمكن القول إنها نسخة تركية ل "بلاك ووتر"، Black Water الأمريكية، سيئة الصيت أو "فاغنر Wagner الروسية.
تعرف الشركة بعدة أسماء: "بلاك ووتر تركيا" و "ميليشيا أردوغان" و"الحرس الثوري التركي" و"الجيش السري لأردوغان".
ووصفت صحيفة «الزمان التركية» هذه الشركة، بأنها تشكل الحرس الثوري الخفي لنظام رجب طيب أردوغان، وحزب العدالة والتنمية، مؤكدةً أن «اسم شركة سادات، التي تصفها المعارضة بالميليشيا المسلحة التي يديرها حزب العدالة والتنمية الحاكم، برز عقب صدور مرسوم العفو عن غير العسكريين المتورطين في قتل الجنود الأتراك ليلة المحاولة الانقلابية من الملاحقة القضائية».
تضم شركة سادات SADAT في هيئتها العليا عدداً من المفكرين الإسلاميين، وقيادات تنتهج أفكارا إسلامية يصفها بعضهم بالمتشددة، ومن المتداول إعلامياً أن " عدنان تانري فردي"، المؤسس الرئيس لها، ذو فكر جهادي متطرف، وهذا ما لمسه محللون سياسيون في مقالاته بصحيفة "يني عقد"، وكذلك مساعديه الكاتب والصحفي عبد الرحمن ديليباك"، و"أحمد فاراول".
من هو عدنان تانري فردي؟
يعتبر "عدنان تانري فردي"، المؤسس الرئيسي لشركة سادات SADAT، وهو جنرال متقاعد، ويشغل رئيس إدارتها، ويُعرف في الأوساط التركية بعلاقاته المثيرة للجدل داخل وخارج تركيا، والأهم من ذلك فإنه حسب جهات عديدة هو قريب من الجماعات الإسلامية المتشددة في الوطن العربي والعالم.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد أصدر قرارًا بتعينه بهيئة السياسات الأمنية والخارجية، وهي إحدى الهيئات التابعة للرئاسة التركية. واعتبر تعيين فردي، المقرب من التيارات والجماعات الإسلاموية في الوطن العربي والعالم، مكافأة من أردوغان لمؤسس سادات على جهوده في دعم النظام التركي.
ويشغل فردي إضافةً إلى منصبه الجديد في قيادة "سادات"، منصب كبير المستشارين للرئيس التركي؛ حيث أصدر أردوغان في 16 أب/أغسطس 2016 قرارًا بتعيينه في هذا المنصب، أي بعد نحو شهر من الانقلاب الفاشل في منتصف يوليو من العام ذاته.
ولعل كثيرا من المراقبين والسياسيين اعتبروا هذه الخطوة بمثابة ضوء أخضر لإعادة هيكلة الجيش والأجهزة الأمنية، بما يتوافق مع خطط حزب العدالة والتنمية، والأهم من ذلك وفق مخطط أردوغان الخاص ومنظوره لهيكله الجيش والقوى الأمنية.
ثمة تقديرات ترى أن اختيار أردوغان، لـ " عدنان تانري فردي" ليترأس إدارة سادات SADAT، يعود إلى الخوف والخشية اللذين أحاطا بمنصب أردوغان ونفوذه من تهديد مراكز القوى الكبيرة الموجودة في تركيا. ولهذا تعتبر الشركة بمثابة القوة الوحيدة التي تتبع لأردوغان بشكل كامل، بل إن أردوغان منحها صلاحيات واسعة النطاق، قد لا يمتلكها الجيش التركي نفسه، ما يمكن وصفه بأنه شبه حصانة قانونية أمام أي مساءلة قضائية.
وهناك تقديرات ترى أن من ضمن مهمات سادات تشكيل جيش لـ «أردوغان»، أشبه بالحرس الثوري الإيراني. وفي هذا الصدد يمكن التذكير بأن مديرية الشؤون الدينية في تركيا، أصدرت تعميما في تشرين الأول/ أكتوبر 2016 يقضي بتشكيل تنظيم عمل الشباب التركي، وإلحاقهم في المساجد، وهو ما يعرف "فروع للشباب" والتي تم إلحاقها بعشرات الآلاف من المساجد في مختلف أنحاء البلاد. وبموجب الخطة؛ فإن 20 ألف مسجد سيضمون فروعًا للشباب بحلول عام 2021، وصولًا إلى 45 ألف مسجد ووفقاً لتقديرات مراقبين سياسيين.
مواقف المعارضة التركية من سادات:
ووفقاً للمعارض التركي والقيادي بحزب الشعب الجمهوري، فكري ساغلار فإن شباب حزب «العدالة والتنمية»، وما يُعرف بـ «جمعية الغرف العثمانية»، أو فروع الشباب، يلتحقون بمخيمات سرية تنظمها شركة «سادات»، وهو ما يشكل نواة لتشكيل ميليشيات خاصة بأردوغان. وحزب العدالة والتنمية هو من كان وراء فكرة تنظيم الشباب التركي، والعمل على إقامة ميليشيات عسكرية خاصة بهم، بحسب الصحفي التركي " جان آتاكلي" وذلك بهدف المحافظة على وجود الحزب وقادته، والعمل على تحقيق توازنات سياسية وعسكرية في المجتمع التركي، بغية القضاء على أي تحرك قد تقوم به قوى خفية داخل المجتمع التركي ضد حزب العدالة وزعيمه أردوغان.
لكن الأهم والجوهري في الأمر أن كثيرا من الأوساط التركية المعارضة تعتقد أن تأسيس أردوغان لميليشيات خاصة به، عائد إلى عدم ثقته في الجيش التركي، وخوفه من احتمالات أن تقوم شخصية عسكرية في الجيش بتنفيذ عملية انقلاب عسكرية، أو خشية بروز أي أقطاب قوية داخل الجيش.
وثمة تقديرات تفيد بأن عناصر ما يسمى بالحرس الثوري الخاص بـ «أردوغان»، التي تولت «سادات» تدريبهم والإشراف عليهم، قد كان لهم الدور البارز في إفشال الانقلاب منتصف تموز/يوليو 2016 إذ ترى بعض التقديرات أن هؤلاء وعبر التنسيق الأمني مع سادات، ارتدوا زي الشرطة لإيهام العالم أنهم عناصر نظامية، وألقوا القبض على العسكريين.
ما هي مجالات عمل شركة سادات SADAT داخليا وخارجياً؟
تختص شركة سادات بالتدريب العسكري النظامي للقوات البرية والبحرية والجوية للدول الطالبة للخدمة، كما أن مجالات عملها تقوم أيضاً على التدريب على أنشطة الكمائن والإغارة وإغلاق الطرق والتدمير والتخريب وعمليات الإنقاذ والاختطاف وعلى العمليات المضادة لكل ذلك، وكذلك التدريب على العمليات الخاصة.
كما تقوم الشركة بإجراء التدريبات الأمنية الداخلية في مجال الاستخبارات، والعمل على دراسة مسرح الجريمة، ومكافحة التهريب والجرائم المنظمة، ومراقبة جوازات السفر، والأرشفة والتوثيق، والعمل على تقديم الحماية الأمنية للشخصيات المهمة.
وفي سياق متابعة نشاط شركة سادات ترى تقديرات تركية أن مجالات عملها تكمن داخل وخارج تركيا، فالباحث التركي، بوراق بكديل، كتب دراسة مطولة عنها ونشرها المعهد الأمريكي «جيت ستون» للدراسات السياسية الدولية، فصل فيها مجالات عمل سادات ومهماتها متعددة، ففي المجال الداخلي تدرّب سادات قوات شبة عسكرية للقتال في حروب أردوغان المتعددة الداخلية والخارجية. والمقصود بالحروب الداخلية بحسب الباحث، هو تهيئة قوى عسكرية لقتال منشقين أو معارضين لحكمه، أما على الصعيد الخارجي فيتضمن النشاط تدريب قوى إقليمية خارج حدود تركيا، لخدمه مشروعه الإسلامي. ويعتقد الكاتب بكديل أن أردوغان لديه خشية كبيرة من النزعة التوسعية لإيران، عبر فكرها الإسلامي الشيعي، وهي تشكل خطراً يفوق خطر النزعة الانفصالية لدى الأكراد، بحسب الكاتب.
ووفقا لمواقع إعلامية أخرى فإن الشركة تعمل في عدة دول إسلامية، وعن سبب دخولها في هذا المجال، يقول مؤسسها الجنرال فردي: «إن القوات المسلحة التركية تقدم خدمات في مجال التعليم والاستشارة والتجهيز لـ 22 دولة إسلامية، إلا أنها غير قادرة على تلبية جميع احتياجات مجال الدفاع في 60 دولة إسلامية، لهذا قررنا تلبية هذه الاحتياجات بدعم من 64 ضابطا يحترم المبادئ الإسلامية المتبعة في الدول الإسلامية».
ويبدو أن أردوغان يعتبر "سادات" بديلة للاستخبارات والجيش في تأمين حمايته الشخصية في قصره، فهو قد أوكل إليها مهمة إعادة هيكلة الجيش التركي، حيث تم تقليص عدد أفراده نحو 200 ألف عسكري من مختلف الرتب العسكرية، لينخفض العدد من حوالي 561 ألفاً إلى 351 ألفاً، وفقاً للبيان الصادر عن هيئة الأركان التركية في 10 أيلول/سبتمبر من العام 2016، وذلك تحت مظلة قانون الطوارئ.
وكانت صحف تركية معارضة، قد كشفت أن الخطوة التي أقدم عليها حزب العدالة والتنمية لتقديم مسودة قانون جديد للخدمة العسكرية تتيح لرئيس الجمهورية إعفاء من يكلفون بمهمات خاصة من التجنيد، هدفها تشكيل جيش خاص موازٍ للجيش الوطني الذي تعرض لتقليص كبير في تعداده بحجة تطهيره من الانقلابيين.
ويوضح نائب حزب الشعب الجمهوري السابق، حسني بوزكورت، أن مسودة القانون هي مشروع لتشكيل «جيش موازٍ»، مشيرًا إلى أن أحكام هذا القانون لها عواقب وخيمة، وهي تُفسد مبدأ الخدمة العسكرية، وتقضي على مفهوم الجيش الوطني.
ولعله من الأهمية بمكان التطرق إلى بعض الأنشطة الفكرية التي قامت بها شركة سادات SADAT، ما يساعد في الكشف عن خفايا في فكرها ومنهجها، فقد نظمت جامعة أوسكودار في إسطنبول، وجمعية المدافعين عن العدالة ASDER، ومركز الدراسات الاستراتيجية للمدافعين عن العدالة ASSAM، ومركز سادات الاستشارية الدولية للدفاع SADAT، ندوة بعنوان: " الشركات العسكرية الخاصة". وفي كلمته الافتتاحية نبه الجنرال إلى مهمات شركته ونشاطها، قائلاً: " إن مهمتنا هي تحديد التهديدات التي قد تهدد العالم الإسلامي، لذلك نحن نقوم بأعمال الاستشارات في مجال التدريب الخاص للوحدات العسكرية المسلحة، كما نقوم بأعمال الوساطة من أجل توفير السلاح والمهمات العسكرية للأصدقاء من الدول الصديقة"، من دون أن يكشف عن أسماء هذه الدول، مطالباً حكومة حزب العدالة والتنمية بالتوسع في تأسيس مثل هذه الشركات الخاصة.
كما حدّد عدنان تانري فردي مهمات الشركة بكونها " شركة دولية للاستشارات العسكرية تهدف إلى إعادة تنظيم الجيوش والقوات المسلحة في الدول الإسلامية التي تتعرض لتغييرات إدارية أو هيكلية، وتقديم الاستشارة الدفاعية لها، وتدريب الأفراد الأمنيين والعسكريين في مستوى القيادات، وتوفير المعدات والأسلحة والآليات اللازمة في المجالات العسكرية.
ميرال أكشنار تكشف مواقع معسكرات التدريب:
وفي ما يتعلق بالمعسكرات التدريبية للشركة فليس معلوماً بالضبط العدد الكلي للمعسكرات التدريبية التابعة لشركة سادات SADAT، إلا أن من أهمها معسكرها الرئيسي في جنوب شرق تركيا، وقد تم إنشاؤه في منطقة ريفية على طريق ديار بكرـ ديفجيتشيدي، ويضم عددا كبيرا من عناصر داعش، وحزب الله التركي، وعناصر من الجماعات المتشددة، حيث يتلقى هؤلاء تدريبات مختلفة في مجالات فنون القتال والحرب غير النظامية على يد قائد المعسكر: سادات أردوغان، والذي كان معتقلا لثلاث سنوات بتهمة انتمائه إلى حزب الله التركي، ويضم هذا المعسكر ثلاثة مخازن سلاح في مناطق الحدائق والغابات القريبة.
كما تمتلك الشركة معسكرات أخرى في معظم محافظات جنوب وشرق ووسط تركيا مثل محافظات باتمان وأروفه وفان. فهناك مركز للتدريبات الأولية في يايلاداغ وقد تم إنشاؤه على أراضٍ تابعة للقوات البحرية، وتتلقى عناصره تدريبات عسكرية واستخباراتية وتقنية ومهارات استخدام الآليات الحربية.
ولشركة SADAT معسكرات تدريب أيضا في مدينتي توكات وقونيا في قلب تركيا، وهو ما أكدته تصريحات وزيرة الداخلية السابقة ورئيسة حزب " الجيد" ميرال أكشنار، المنشقة عن حزب الحركة القومية المتحالف مع أردوغان حيث حددت في تصريحاتها لصحيفة " سوزجو" التركية أماكن وجود معسكرات سادات، لكن الشركة اكتفت بتكذيب التصريحات ونفيها قطعيا، من دون أن تتخذ أي إجراء قانوني ضد أكشنار.
هل كان لـ سادات SADAT يد في تشكيل فصائل سورية معار ضة؟
اعترف الجنرال تنري فردي خلال مشاركته في أحد البرامج الإذاعية، أن «شركة سادات، تولت تدريب وتأهيل عناصر الجيش السوري الحر في معسكرات داخل تركيا للمشاركة في الأعمال القتالية داخل سوريا».
في حين يشير حساب «قطريليكس»، إلى أن شركة سادات قامت بدعم تنظيمين مسلحين في سوريا تربطهما علاقة بتنظيم «داعش» الإرهابي.
وخلال حوار أجراه مع موقع "خبر تُرك" الاخباري، تطرق فردي لعدد من الملفات الأمنية المتعلقة بتركيا، من بينها ملف فصائل مسلحة معارضة ، فذكر أنه أجرى زيارة لأحد مخيمات اللاجئين في مدينة هاتاي جنوب تركيا، المتاخمة للحدود مع سوريا، وبحث مع الموجودين تأسيس جبهة مسلحة لمقاومة النظام السوري، وخلال الحوار تجنب فردي تقديم مزيد من المعلومات حول اللقاء وما نتج منه، لكنه اكتفى بالقول ً:" توصلنا معهم لاتفاق مشترك، وأبلغنا الجهات الرسمية التركية بالتحرك في هذا الصدد"، وأشار إلى أن (ر- أ أحد الضباط السوريين القادة المنشق) انتقل بعد ذلك إلى سوريا. وأكد في حواره أن العناصر العسكرية المنشقة التي شكلت الجيش السوري الحر، هي الجناح العسكري لجماعة الإخوان المسلمين، مشيراً إلى أن "سادات" التقت بعدد من ممثلي الجماعات المسلحة في سوريا في مخيمات اللاجئين وفي إسطنبول، على حد قوله.
أين ليبيا من عمل سادات SADAT؟
جاء تصويت البرلمان التركي بالموافقة على إرسال قوات تركيا إلى ليبيا، بهدف توسيع النفوذ التركي في البحر المتوسط، باعتباره هدفاً استراتيجياً لتركيا، وأولى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المهمة العسكرية ليس للجيش التركي، بل، وبحسب كثير من التقديرات إلى شركة سادات الأمنية، فقد ذكر موقع راديو فرنسا الدولي أن أردوغان يحاول فرض سيطرته وبسط أذرعه العسكريَّة والاستشارية على معظم القطاعات الحيوية في ليبيا تحت مسمى مساندة حكومة السراج ،وبحسب موقع "سادات" فإن عملها لا يقتصر على تقديم الدعم اللوجستي أو الفني بل يمتد لحماية الشخصيات والمنشآت.
المفارقة اللافتة للنظر أنه وفور توقيع الاتفاقية بين الحكومة التركية وحكومة الوفاق الوطني في طرابلس، تم تسريب بنود الاتفاق، التي حملت اسم " مذكرة تفاهم للتعاون الأمني والعسكري بين حكومة جمهورية تركيا وحكومة الوفاق الوطني ـ دولة ليبيا"، وتطرقت الوثائق المسربة إلى الجوانب الاستخباراتية والتسليحية والتدريبية وإنشاء القوات وغيرها من المسائل العسكرية، بما يتيح لتركيا إحكام قبضتها على بلد غارق في الفوضى. لكن البند المتعلق بالتزام تركيا بتوفير التدريب والاستشارات الأمنية وتبادل الخبرات في التخطيط والدعم كان من أهم البنود التي أثارت حفيظة المعارضة التركية، وجعلت ملف شركة سادات يتصدر الواجهة من جديد.
وكانت صحيفة "أحوال تركية"، قد أشارت إلى أن اتفاق التعاون العسكري بين تركيا وليبيا يتضمن بنوداً بشأن " استضافة أفراد" أتراك، وتساءلت الصحيفة فيما إذا كان المقصود بذلك استضافة عناصر من شركة سادات.
وكان نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض في لجنة الشؤون الخارجية البرلمانية قد أكد أنه: "لا توجد اتفاقيات أخرى وقعتها تركيا مع دول أخرى، لديها مثل هذا التعريف الضمني المفتوح"، متسائلاً: "من هي منظمات الدفاع والأمن المذكورة في المذكرة، ومن سيسيطر عليها؟".
ولربما من المفيد التذكير بأن مؤسس شركة سادات SADAT، كان قد أوضح في حواره مع موقع "خبر تُرك" الاخباري، أن نشاط شركته في ليبيا بدأ منذ اندلاع الثورة الليبية ضد حكم العقيد معمر القذافي، مشيرا إلى أن شركته كان لها اتصالات مع قيادات منشقة في الجيش الليبي، من بينهم العميد فيتوري، وأشار أيضاً أن وفدا من شركته الأمنية كان بصدد التحضير لزيارة طرابلس إلا أن التطورات العسكرية الأخيرة، (هجوم قوات حفتر على طرابلس) علقت الزيارة.
سادات تنكر علاقتها مع الجنود المرتزقة في ليبيا
وفي السياق ذاته أوضح تانري فردي في تصريحات نشرتها صحيفة " أكشام" التركية، بتاريخ 17 كانون الأول/ ديسمبر 2019، أن تركيا تحتاج إلى شركات عسكرية خاصة تقوم باستخدام العسكريين المرتزقة، مثل شركتي: Black Water وWagner الروسية، قائلاً: " إذا أرسلت تركيا جنوداً مرتزقة إلى ليبيا سيكون أكثر فائدة"، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن شركته تقدم خدمات التدريب لعدد من فرق القوات الخاصة لبعض الدول، ولكنها لم تتدخل حتى الآن، نافياً في الوقت نفسه، أن يكون لشركته، أو مركزه، كما يصفه، أي علاقة مع الجنود المرتزقة.
بيد أن ما حصل أن أردوغان أرسل فعليا عددا من الميليشيات المسلحة التي تم تدريبها بمعرفة الشركة طوال السنوات الماضية، وتمت الاستعانة بهم خلال العملية العسكرية التركية في شمال سوريا، وتشير المعلومات إلى أنه تم نقل مجموعات من " المرتزقة السوريين" عبر 4 طائرات، فضلا عن أوامر صدرت للجنرالات المتقاعدين من المخابرات التركية والعاملين بالشركة بالتوجه إلى الأراضي الليبية لتدريب عناصر لحكومة فايز السراح. وبالفعل، ووفقاً لتقديرات الصحافة التركية وكثير من المتابعين، فقد أسندت المهمة كاملة إلى شركة سادات.
والمتتبع لمسار التحركات التركية في ليبيا سيلحظ تعاظم النفوذ التركي في ليبيا، نفوذ يبدو أنه سيؤسس في المستقبل، في حال نجاحه، وعدم تصدي دول عربية أو إقليمية له، لخطر كامن يتحرك في الرمال الليبية وعلى مهل.
العراق وساحات أخرى
أما في العراق وخلال مشاركة تانري فردي في ندوة بجامعة أسكودار، وفي ظل الانتقادات الموجهة له، حاول تسويغ وجود الشركات العسكرية الخاصة في العراق، بالقول: " العراق اليوم يضم نحو 42 شركة أمن وخدمات عسكرية خاصة؛ داعش وحزب الاتحاد الديمقراطي وحزب العمال الكردستاني وهي شركات أمنية وعسكرية تابعة للولايات المتحدة، وهي مؤسسات عسكرية تم إنشاؤها في تلك البلدان من أجل التحكم بالعراق، وتعتبر تهديداً كبيراً للغاية" في تبرير وجود شركته الأمنية في العراق.
أما في قطاع غزة فتشير المعلومات المتوفرة إلى أن علاقات متينة تربط بين شركة سادات بكتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس. فقد أشار موقع «بيروت أوبزرفر»، أن «الكوماندوس البحري» التابعة لكتائب عز الدين القسام، تلقى تدريبًا على يد شركة سادات التركية، لافتًا إلى أن حماس بعد اندلاع الثورة السورية في العام 2011، نقلت نشاطها العسكري من سوريا إلى تركيا، وارتبطت بعلاقات قوية مع سادات؛ حيث تولت الشركة تدريب عناصر الحركة.
خاتمة
لا شك في أن التحركات التركية في العالم العربي تشير إلى تغيير جوهري وكلي في المنطلقات السياسية لتركيا، صحيح أنها ما زالت تشدد في سياستها العلنية على مصطلح "الدبلوماسية العامة" كسبيل لتحقيق المصالح الاستراتيجية ، إلا أنها في الجوهر قامت بتغيير كلّي أيضا سواء في منهجها السياسي أم في آليات عملها، فقد اعتمدت تركيا في تحركاتها على الجماعات الإسلامية، كسبيل للوصول إلى الغاية المنشودة، وهي بسط النزعة العثمانية من جديد على المنطقة العربية، المتأكلة بحروبها وصراعاتها الداخلية، ووجدت عبر ابتكار وتخليق شركات أمنية، من طراز: سادات وسيلة لتحقيق التمدد الإقليمي.
بيد أن "سادات" ورغم حالة الغموض التي تحيط بها، إلا أنها بالجوهر تمثل إطاراً تنظيمياً بالغ الدقة، يتبع التسلسل الهرمي في فرض قراراته وبينما تنهج حكومة أردوغان سياسة التغلغل الناعم حينا عبر مؤسسات وجمعيات تركية في مجال الخدمة والتمويل، أو عبر مؤسسات إعلامية وفنية، فإن سادات تمثل الوجه الخشن لها.