في ذكرى “فجر الأوديسا”.. الفيتوري: حماية المدنيين كانت ذريعة الحرب على ليبيا للتخلص من القذافي وتحقيق مصالح الدول الغازية
أوج – لندن
أكد الكاتب الصحفي والمحلل السياسي الليبي، الدكتور مصطفى الفيتوري، أن التدخل العسكري في ليبيا عام 2011م جعل التدخل الإنساني مرادفًا للغزو المباشر الذي تم بناء على تقارير إعلامية غير صحيحة، كاشفًا عن أكذوبة حماية المدنيين وإرساء الديمقراطية.
وذكر في مقال له بصحيفة “ميدل إيست مونيتور” البريطانية، طالعته “أوج”، أن عملية “فجر الأوديسا”، التي أطلقت في 19 الربيع/مارس 2011م، كانت الاسم الرمزي للتدخل العسكري الأمريكي في ليبيا.
وأوضح أن قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1973 أذن بشكل غامض بالتدخل الأمريكي في ليبيا، مضيفاً: “كان الافتراض أن المدنيين الليبيين يتعرضون للقتل والتشريد والقصف من قبل نظام معمر القذافي لأنهم احتجوا “سلمياً” على حكمه”.
وأفاد بأنه لم يكن لدى الأمم المتحدة أو الولايات المتحدة، أو أي عضو في مجلس الأمن، أي معرفة دقيقة بالأحداث على أرض الواقع داخل ليبيا، مُشددًا على أن بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة لم تكن بعد قامت بزيارة ليبيا.
وأشار إلى أن المسيطر وقتها كان النشوة التي أحدثها ما يسمى بـ”الربيع العربي” الذي بدأ في تونس ومصر قبل الوصول إلى ليبيا، لافتاً إلى أن ما حدث في ليبيا جراء ذلك، كان كارثة سجلها التاريخ.
ونوّه إلى أن القرار 1973 استند كليًا إلى تقارير إعلامية خرجت من ليبيا، ومعظمها من وسائل الإعلام التي لا يتاح لها الوصول إلى البلاد وأنه تبين أن معظم التقارير متحيزة وغير صحيحة ومفبركة في بعض الأحيان، مستدركًا أنه مع ذلك، الأمم المتحدة رأت أن هذه التقارير تتمتع بالمصداقية الكافية لتقرير مصير البلاد بأسرها لسنوات قادمة.
وأردف: “قبل عملية فجر الأوديسا، وقبل ساعات من اعتماد مجلس الأمن للقرار 1973، أطلقت فرنسا عملية هارماتان، في حين تبعتها بريطانيا وكندا بعملية إلامي وعملية موبيل على التوالي”.
ولفت إلى أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا، منعوا وهمشوا أي مناقشات ذات مغزى، داخل مجلس الأمن الدولي، باستخدام حق الفيتو، كما تجرأوا على التشكيك في شرعية وعواقب ما أصبح يوصف بأنه “تدخل إنساني”.
وشدد الفيتوري على أنه لم يكن لأي من القوى الكبرى أي اتصال مع الحكومة الليبية للاستماع إلى القصة من جانبها، وبدلاً من ذلك أرسلوا، هم وآخرين، مقاتليهم ومفجريهم إلى ليبيا “لحماية” المدنيين، أو هكذا زعموا.
وأضاف: “بحلول 30 الربيع/مارس 2011م، أصبحت العمليات الثلاثة عملية واحدة، تسمى عملية الحامي الموحد، بقيادة منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وفيما أصبح يعرف باسم “تحالف الراغبين” حافظ حلف الناتو على قصف جوي على مدار الساعة لليبيا لمدة سبعة أشهر، كل ذلك من أجل “حماية” المدنيين، بطبيعة الحال”.
وكشف أن الأحداث في ليبيا كانت تحولت بحلول 20 النوار/فبراير 2011م، إلى تمرد مسلح ضار بالمدنيين الذين كان من المفترض أن يحميهم حلف شمال الأطلسي، وأن “تحالف الراغبين” لم يشمل أعضاء الناتو الأقوياء فحسب، بل شمل أيضاً دولاً أخرى مثل الأردن والإمارات العربية المتحدة وقطر.
واستكمل: “لم يكن لأي من هذه البلدان أي مؤهلات ديمقراطية معقولة، ومع ذلك فقد تقدموا لجعل ليبيا أكثر ديمقراطية، ويسرت الدول المجاورة لليبيا، مثل السودان وتونس ومصر، نقل الأسلحة والمقاتلين الأجانب ووحدات القوات الخاصة إلى ليبيا لدعم المسلحين”.
واستمر في سرد التناقض، مُبينًا أنه في 30 التمور/أكتوبر2011م، أنهت منظمة حلف شمال الأطلسي عملياتها بعد أن قامت بـ26.500 طلعة جوية، قائلاً: “قُتل عشرات المدنيين، ولكن بعد عشر سنوات، لا يزال حلف شمال الأطلسي لا يتحمل أي مسؤولية عما وصفها بـ “الأضرار الجانبية” بين المدنيين”..
وتطرق إلى أنه بحلول ناصر/يوليو م2011، أصبح من الواضح أن حلف الناتو يدمر ليبيا لفرض تغيير النظام في تجاهل صارخ للقرار 1973، الذي استبعد تغيير النظام، على الرغم من الجدل الذي أثاره.
وواصل: “في الواقع، لم يهتم أي من أعضاء “تحالف الراغبين” بالمدنيين، وقد سعى كل منهم إلى تحقيق مصالحه الخاصة، بما في ذلك تصفية الحسابات مع القذافي، ليس فقط من خلال تدمير حكومته، ولكن أيضاً بقتله في 20 التمور/أكتوبر 2011م، وفي الوقت نفسه، تُرك المدنيون لحماية أنفسهم”.
واستطرد الفيتوري: “في السنوات اللاحقة، أصبحت ليبيا ساحة معركة قامت فيها فصائل عديدة، بدعم من جهات أجنبية مختلفة، بتدمير البلاد”، واصفًا ليبيا بأنها أصبحت ملاذاً للمتاجرين بالبشر والمليشيات المسلحة والعصابات الإجرامية والإرهابيين، مما جعل حياة المدنيين في حاجة ماسة إلى الحماية، وهو ما لم يجدوه.