أوج - القاهرة
أكد المدير التنفيذي الأسبق لمؤسسة "القذافي" للجمعيات الخيرية والتنمية يوسف الصواني، أن المصالحة الوطنية هي أهم أولويات السلطة التنفيذية الجديدة، خلال الفترة الراهنة، لافتًا إلى أنها ليست أمرًا جديدًا على ليبيا، وأن مراحلها الأولى انطلقت عبر جهود النظام الجماهيري في التصالح مع معارضيه والسجناء.
وفنّد الصواني، في مقالة بصحيفة "الشروق" المصرية، طالعتها "أوج"، الإشاعات المغرضة والمتداولة منذ 2011م بشأن قيام الدكتور سيف الإسلام القذافي بالمصالحة مع عناصر التيار الإسلامي ومعارضي النظام الجماهيري، كاشفًا أن تلك المصالحات تمت بمساعدة شخصيات من قوى التيار الإسلامي، وأن أجهزة الدولة آنذاك وخاصة الأمنية منها والبعثات الدبلوماسية الليبية في الولايات المتحدة وبريطانيا وسويسرا وبعض الدول العربية قادت حوارات بما في ذلك مع سجناء الحركات الإسلامية وبعمل مباشر لشخصيات بارزة في النظام ومؤسساته الأمنية.
وذكر أن المؤسسات الرسمية اضطرت بعد فترة للجوء إلى مؤسسة القذافي العالمية للجمعيات الخيرية والتنمية برئاسة سيف الإسلام القذافي، كغطاء قانوني؛ لتدخل وسيطا بين الدولة والمؤسسات والأطراف التي كان الحوار معها يتعرض لعقبات والتشكيك في أن يكون الحوار حقيقيا طالما أنه يجرى بين السجناء والسجان، لافتًا إلى أنه من هذا المُنطلق انطلق قطار المصالحة مطلع الألفية تحت قيادة الدكتور سيف الإسلام القذافي، بعمل المؤسسات السياسية والأمنية والبعثات الدبلوماسية.
وبيّن أن أجهزة الأمن اضطرت إلى الاستعانة بمؤسسة القذافي الخيرية، وهو ما لاقى قبولا وتأييدا من السجناء والمعارضة، كما لعبت المؤسسة بعدها دورا في تأمين تواصل الليبيين بالخارج للعودة إلى بلادهم دون خوف عبر موافقات الجهات الأمنية.
واسترسل بأن المصالحة لا يمكن فصلها موضوعيا عما يجري اليوم، وربما أيضًا لجهة ما حصل من توافقات في تونس وجنيف وقبلهما في داركار وعواصم أخرى من السعي لمصالحة أخرى بعيدا عن الأضواء تمت بين أطراف من التيار الإسلامي وما يعرف بتيار أنصار النظام الجماهيري، وهو ما نراه اليوم مُعبرًا عنه بشكل ظاهر في تشكيلة حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة التي حازت ثقة البرلمان.
وواصل أنه مثلما استغلت المصالحة السابقة عتادا للهجوم على أطراف بعينها سواء داخل بقايا النظام الجماهيري أو من الحركات الإسلامية، ستكون عرضة للاستغلال السياسي، وهو ما سيضر بالاستقرار والوحدة الوطنية بما هي جوهر مهمة الحكومة ذاتها.
ولفت إلى أنه رغم ما يراه البعض من قصور أو ما يقوم به بعض مكونات النظام السابق من اتهام لسيف الإسلام القذافي في أنه كان وراء تلك المصالحة التي أخرجت تلك القوى الإسلامية وأعادتها للحياة العامة لتكون أول المنقضين على النظام في 2011م واعتبار ذلك جريمة كبرى، انطلق العمل فيه طويلا قبل أن تصبح المؤسسة طرفا فيه.
وأكمل أنه بصرف النظر عما حدث، فإن تلك المصالحة لا يمكن فصلها موضوعيا عما يجري اليوم وربما أيضا لجهة ما حصل من توافقات في تونس وجنيف وقبلهما في داركار وعواصم أخرى من السعي لمصالحة أخرى بعيدا عن الأضواء تمت بين أطراف من التيار الإسلامي وما يعرف بتيار أنصار النظام السابق وهو ما نراه اليوم معبرا عنه بشكل ظاهر في تشكيلة حكومة الوحدة الوطنية التي حازت ثقة البرلمان.
واسترسل أنه مثلما استغلت المصالحة السابقة عتادا للهجوم على أطراف بعينها سواء داخل بقايا النظام السابق أو من الحركات الإسلامية، ستكون عرضة للاستغلال السياسى وهو ما سيضر بالاستقرار والوحدة الوطنية بما هي جوهر مهمة الحكومة ذاتها.
ودعا الصواني السلطة التنفيذية الجديدة إلى وضع المصالحة الوطنية هدفا استراتيجيا لها، والحيلولة دون العودة للاقتتال والحرب مجددا، مؤكدا أن أهم مؤشرات جدية حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة ومقياس نجاحها، مدى تمكنها من إجلاء كلي للقوات العسكرية أو شبه العسكرية الأجنبية مهما كانت صيغة تواجدها فوق الأراضي الليبية.
وأوضح أن تحقيق هذا المطلب سيجعل الحكومة في وضع أكثر قوة وشرعية ويجعل الأطراف الليبية أكثر اضطرارا للتعامل مع بعضها ومع الحكومة دونما تأثيرات خارجية، مضيفا أن تحقيق هذا المطلب يتصل بهدف تحقيق الأمن والتعامل مع الجماعات المسلحة في كامل البلاد ويمهد للمصالحة دونما اعتبارات لقوى خارجية.
وذكر أن الحكومات المتعاقبة فشلت في إظهار أي صرامة في التصدى للمليشيات، بل قامت باختيار البديل اللامنطقي باسترضائها، وتكليفها بالمهام الرسمية وتمويلها وتمكينها من أن تصبح أقوى من مصدر تمويلها "الدولة".
وبيّن أن أولى الاشتراطات القانونية لمعالجة أزمة المليشيات تكمن في إعادة الاعتبار للمؤسسات الرسمية وتفعيلها ضمن ما توفره التشريعات الحاكمة لعملها مع إعادة النظر فيما صدر من تشريعات أو قرارات وإجراءات أعطت صفة شرعية وخولت فاعلين غير رسميين صلاحيات بشكل مثّل انتهاكا صريحا للعدالة وحقوق الإنسان.
وطالب بالتيقظ والحذر، وأن يبدأ فورا تعديل التشريعات الحالية المتعلقة بها أو إصدار تشريعات جديدة لا تقتصر على العدالة الانتقالية والمصالحة الشكلية، بل تعطى الأولوية للوحدة الوطنية، وتستند إلى التقاليد والعرف الاجتماعي الليبي ضمن مقاربة شمولية تهتدي بأفضل الدروس والخبرات في مجال بناء الدولة والأمة معا وتنطلق من اتفاق سلام ومصالحة يؤسس لعقد اجتماعي جديد.
وأكد الصواني، أن المصالحة عملية حوار وطني شامل وحقيقي، ولا بد أن تنطلق من قناعة حقيقة أن البلاد دخلت سياق حرب أهلية وما صاحبها، لذلك فإن إنهاء هذا الوضع والتخلص مما ترتب عليه من تجاوزات ومشاكل وعنف واعتداء على الحقوق لن يكون ممكنا إلا إذا تم التعامل مع هذه المسائل كحزمة مترابطة لا تتجزأ.
وشدد على ضرورة إبرام عهد أو اتفاق مصالحة شاملة تضم الكل بدون استثناء حتى يمكن تجاوز الآثار المدمرة لصراعات وتناقضات الحرب الأهلية، وبدون شروط ذات طابع سياسي، ذلك هو الضمان الوحيد لتحقيق سلام اجتماعي يضع قواعد العمل الوطني ويرسي الدعائم التي يستند عليها التوافق.
وأشار إلى أهمية وضع خارطة طريق جديدة دون تمسك بأي شىء يرتبط بما حققته القوى المختلفة على أرض الواقع مما تعده مكتسبات مشروعة، مضيفا أن هذه الخارطة تلعب دور الناظم لمرحلة انتقالية يتم خلالهما الانتهاء من ترتيبات السلام والمصالحة تمهيدا لإجراء انتخابات ديمقراطية بما في ذلك انتخاب هيئة وطنية لصياغة الدستور، على أن يتم إلغاء القوانين الصادرة والتي تميز بين المناطق والمواطنين بذرائع مختلفة.
واختتم بأن حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة أمام الامتحان ومفتاح نجاحها يكمن في مدى مراعاتها لهذه الاعتبارات ومعالجة التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية ولن يكفيها الاعتداد أنها جاءت نتيجة حوار سياسي أو أنها تمكنت الآن من إنهاء انقسام السلطة التنفيذية.