مقدمة الكتاب
مقدمة الكتاب
إدريس المهدي السنوسي على حقيقته لا يعرفه أحد من هذا الشعب ، ذلك لأنه كان يتوارى عن الأنظار ، و يتصرف من وراء حجاب ، و يضع عواقب تصرفاته على عاتق الآخرين كما غطاه أنصاره بهالة من الدعاية المستندة إلى الدين ، و أضهروه دائماً بمظهر الزاهد الحريص على مصلحة الإسلام و المسلمين .
و كم
كان بودنا أن يكون في الفاتح من سبتمبر موجوداً داخل أرض الوطن حتى يقدم لمحكمة الشعب لمحاكمته و مناقشته على مسمع و مرأى من الشعب ، و حتى يزول عنه ذلك الغشاء الذي يحجبه عن أعين الناس ، و تنحط عنه تلك النعوت التي كان ينعتها به الإعلام . و قد طلب مكتب المدعي العام السماح له بالتحقيق مع إدريس السنوسي و مواجهته بما اقترفت يداه من جرائم و آثام في حق هذا الشعب الطيب الذي اغتر به من زمناً طويلاً .
و لكن إذا كانت مواجهته في محاكمة علنية غير متيسرة ،فإنه بإمكاننا تقديم صورة حقيقية عنه تستقي حقائقها من بعض مذكراته التي ضبطت بدار السلام في طبرق ، و هي مذكرات دون فيها الكثير من الأمور التي كان يهتم بها ، كشؤون معاشه و قصره و خدمه و مواشيه ، و علاقته مع الأسرة السنوسية و مقابلاته للسفراء الأجانب على وجه الخصوص ، و تعليماته اليومية لرئيس الوزراء و والي برقة . كما أضفنا اليها معلومات أخرى من الوثائق الرسمية و الصور التي تحت أيدينا .
و لكي يكون للكتاب حجة في موضوعه رأينا أن ندعمه بمجموعة من أهم ما دونه بخط يده في تلك المذكرات ، و بصور كثير من الرسائل التي تبادلها مع ضباط الإدارة البريطانية و المعتمد البريطاني في بنغازي و طرابلس و وزارة الخارجية البريطانية و مندوب الأمم المتحدة (( بلت)) مضافاً إليها صور لكثير من وثائق الدولة الرسمية .
سوف يجد المواطن الليبي و غيره من المهتمين بالقضايا العربية و التاريخ كثيرا من الحقائق المؤلمة التي جعلت ثمانية عشر عاماً من الإستقلال اسطورة و خيالاً كان المواطن فيها في قبضة الإستعمار لا يملك أمر نفسه إلا بالقدر الذي تسمح به سفارتا بريطانيا و أمريكا ، و توحيان به إلى الملك العميل .
و هذا الكتاب لم يوضع بإعتباره دراسة تاريخية شاملة لجميع مناهج الحياة في هذه الحقبة من الزمان لغرض الحكم على جميع من وقفوا على مسرح الحكم في تلك الفترة و لكنه عرض لوقائع و حوادث ارتبطت بشخص معين من جهة هو إدريس المهدي السنوسي الذي نصبه الإيطاليون أميراً على واحات جنوب برقة سنة 1920م ثم نصبه الإنجليز أميراً على برقة سنة 1949م . ثم ملكاً على ليبيا بكاملها .
لقد رأينا مراعاة التسلسل الزمني لتلك الوقائع حتى تسهل متابعتها ، و يتذكر المواطنون الذين عاشوا في تلك الفترة كثيراً من تلك الأحداث .
و سيجد دارسوا التاريخ فيه مادة صادقة و صحيحة تساعدهم على دراسة العهد المباد ، و مدى تأثيره على السياسة العربية ككل .
لقراءة الكتاب كاملاً او تحميله إنقر على الأيقونة أدناه