المقال #نقلاً عن موقع #صدى_البلد
لم أنساق أبدا وراء جوقة القطيع، التي كانت قد انتابت الإعلام العربي، في أعقاب ما سمي بالربيع العربي عام 2011 ووصم كل الحكام العرب آنذاك بالفساد والعار والخيانة والاستبداد والديكتاتورية وما شابه ذلك من أوصاف.
كنت مقتنعا ولا أزال أن الحاكم في النهاية بشر، يخطىء ويصيب. لكن هناك ثوابت لكل وطن وخطوط حمراء لكل أمة لا يجب أن يفرط فيها أو يهملها.
فالسلطة مسؤولية قبل أن تكون مطمحا.
وإذا كانت آلة الإعلام الغربي والعربي بقيادة قناة الجزيرة القطرية، قد صورت القذافي شيطانا رجيما قبل الثورة عليه وقتله، فإن ترحم الليبيين -كل الليبيين- عليه اليوم وتمنى لو عودة يوم واحد من أيامه واستقرار ليبيا في عهده، والرخاء الذي كان يعم البلاد.
وترحم الغرب، واعتراف حلف الناتو نفسه بأن قصف القذافي بالطائرات كان خطأ فادحا، وهذا منشور على لسان رئيس حلف الناتو نفسه.
يعيد للزعيم القذافي، كثيرا من رد الاعتبار ويعيد "النصاعة" لحكمه سواء كره كاره أو صرخ مدعي أو هتف خونة يقال عنهم ثوار.
صديق ليبي عزيز، قال لي كلمة وهو يتابع بحزن شديد أوضاع وطنه، أن الليبيين يصح أن يطلق عليها أنهم شعب " كفروا بأنعم الله" في عهد القذافي والاستشهاد بالآية الكريمة من عنده.
فليبيا القذافي كانت دولة
وكلمة دولة تعني الكثير والكثير جدا، في عصر الفوضى والدمار الهائل في ربوع ليبيا.
على أرض الواقع وبعد 9 سنوات، يمكننا تذكر ما كان من القذافي وما جاء من بعده من جانب أسلافه، رغم أنهم أطلقوا عليه ديكتاتور ومستبد ومجنون وأوصاف ضالة ألحقوها بالرجل.
فالقذافي عندما رحل ماذا ترك لليبيين وهذه أرقام موثقة ومتداولة في تقارير دولية:
ترك لهم احتياطي من الذهب يصل الى 170 طن ذهب، وكان يريد أن يصدر عملة افريقية موحدة ويغطيها بالذهب وهذا بالطبع سرق وانتهى بعد موته.
ترك لهم أصول واستثمارات ليبية في الخارج، تقدر قيمتها بنحو 67 مليار دولار موزعة على مئات الشركات في صورة فنادق وشركات ومؤسسات ضخمة، واليوم ميراث القذافي في أفريقيا وأوروبا ينهب من قبل الدول الموجود فيها، لأنه لا حكومة ليبية قوية تبحث عن هذه الأصول ولا دولة مستقرة يمكن الإفراج لها بشكل كامل عن الأموال الليبية المجمدة في الخارج وتزيد عن 100 مليار دولار.
القطاع الصحي في ليبيا في عهد القذافي، حقق نهضة ضخمة بشهادة دولية وكان 80% من الأطباء داخل ليبيا أجانب وتوفر لهم كافة السبل للارتقاء بالليبيين وصحتهم وهذا بعض مما كان في عصر القذافي.
والأهم أنه طوال أربعة عقود استطاع الحفاظ على دولة قوية موحدة لا تشوبها شائبة.
صحيح أنه كانت له مواقف تؤخذ عليه لكن مزايا عصره والليبيين قبل أي أحد آخر هائلة وهم يتحسرون الآن عليها.
ما بعد القذافي اليوم خراب وفوضى وأطلال دولة، ويصعب علي أن أتوقع أن تبقى ليبيا في هذا الوحل وعلى الأقل لنحو 10 سنوات قادمة.
اليوم ليبيا ضمن أكثر 9 دول فسادًا في العالم.
الفوضى فيها مريعة وهائلة..
جزء من أهلها في طرابلس طلبوا أمس من الولايات المتحدة الأمريكية أن تقيم قاعدة عسكرية في طرابلس!
هكذا وصلت الأمور، أن يطلب أهل البلد وبأنفسهم عودة الاستعمار الذي كان قد طرده القذافي.
ليبيا القذافي كانت وطن يعمل فيه ما لايقل عن 5 ملايين مصري وأجنبي ويحققون منه ثروات، يعودون بها إلى بلادهم لأنها كانت دولة غنية.
اليوم ثلث الليبيين فروا للخارج هربا من الفساد والفوضى وانعدام الأمن.
القذافي كان أسطورة لا شك.. ويكفيه اليوم ترحم كل الليبيين عليه.