اهم الاخبار

منصات جماهيرية نقلا عن اسطرلاب⁦✍️⁩ فتحي الشابي "تونس جرائم الأتراك في حق العرب"

جرائم الأتراك ضد العرب
بقلم : 27 فبراير 2020

 

للنّاظر في تاريخ السّياسة العثمانية تجاه العالم العربي ما يمثّل عبرا تاريخية تصلح أن تكون دروسا لساسة اليوم المنبهرين بسياسة العثمانيين الجدد. فمنذ سنة 1517 شرع الأتراك عند احتلالهم مصر في بسط سلطانهم عن طريق المماليك ونظام الملل الطّائفية بقيادة الشّيوخ في المناطق الإسلامية والبطاركة في المناطق ذات الكثافة السكانية المسيحية ، وبواسطة الحاخامات حيث المدن الكبرى التّجارية التي كان يتمركز بها اليهود عادة . وقد أدّت هذه السّياسة إلى التّمهيد لوجود أنظمة حكم متصارعة ومجتمعات تمزّقها الخلافات الدينية والمذهبية وهو ما مهد الطّريق للمستشرقين الوافدين للعالم العربي خلال القرن الثّامن عشر من القيام بدراسات ظاهرها حضاري وباطنها تقسيم المجتمع العربي عرقيا ودينيا . وقد مثّل المستشرقون في الجزائر مثلا مراجع أساسية للتخطيط السياسي الاستعماري . فقد كتب بيلسي ديرونو كتاب « أخبار الجزائر » ، كما كتب هانوتو عن مظاهر الخلاف في لهجات الجزائريين واعتنى الضابط بروسلار بالخطّ العربي. وكان أهمّ المستشرقين لويس رين ضابطا ساميا بالجيش الفرنسي حتّى سنة وفاته سنة 1905 .
لقد أفسح الأتراك المجال لمن أقطعوهم الحكم في الإيالات المختلفة لتزايد نفوذهم عن طريق التنسيق السرّي والعلني مع الصيارفة والأروبيين الذين أغرقوا البلاد العربية في الديون ذلك بتخطيط محكم مع عملائهم في الداخل من حكّام تركيا بباياتها وبشواتها وداياتها وهو ما مهّد الطريق للاستعمار الأوربي للعالم العربي الذي استنزفته سياسة الباب العالي بالضّرائب والحروب الطويلة خارج حدود الوطن العربي كحربهم مع المجر سنة 1526م. وقد أجاز السلطان عبد الحميد الثّاني منذ سنة 1293 في دستوره إمكانية الاستعانة بالقوى الأروبية لمواجهة أعدائه آنذاكوهو مثل بداية تنّفذ فعلي للألمان والأنجليز في المشرق العربي.
إنّ الذين يتباهون بانتصار أردوغان ، ويفاخرون جهلا بمنجزات أحفاد سليمان القانوني اليوم ، عليهم أن يذكروا موقف المناضلين الأحرار من شعوب إفريقية في القرن السادس عشر ، زمن الحسن الحفصي من نزول العثمانيين بها سنة 1534م عندما سطّر الشّيخ عرفة الشّابي تاريخ أوّل ملحمة قومية في مقاومة الغزاة الإسبان والأتراك على السواء منذ سنة 1535 م . فقد أشاع الأتراك بالبلاد الظّلم وسفكوا الدّماء باسم الإسلام على يد قرصانهم خير الدّين بربوس وأخيه عرّوج ، وتوخّوا سياسة السّلب والنّهب . ثمّ من لا يتذكّر منّا سياسة المراديين في تونس التي قامت على فرض الضّرائب على سكّان الدّاخل من المزارعين خصوصا وقد كان رمضان باي (1598 – 1613 ) أول قوّاد ذلك النّظام الجبائي المعسكر الذي يعرف لدى التونسيين بالمحلّة.
أمّا عهد الحسيننين فكان حافلا بالخيانات والمؤامرات التي حيكت في شكل معاهدات على يد الحسين بن علي تركي(1705 – 1735 م) مع أروبا الاستعمارية من ذلك ، معاهدته مع فرنسا سنة 1710 وانجلترا سنة 1716 واسبانيا سنة 1720 والنمسا سنة 1725 وهولندا سنة 1728 ، حتّى مكّّن الأوربيين من خزائن الدولة كلّها. ولقد تناحر الأتراك على الحكم طيلة قرنين ليسلّموا بلاد المغرب العربي في النّهاية إلى فرنسا الاستعمارية .
ونحن لا نستغرب سياسة الحفيد أردوغان اليوم الشّبيهة بسياسة الأتراك التاريخية التي تعتمد على ذريعة المصلحة وأسلوب المراوغة والغدر . ولعلنا نجد في مساومته الاتّحاد الأوربي على المتاجرة المفضوحة بالدمّ الفلسطيني ما يثبت هذا إذ نتحقّق من تواريخ المعاهدات المعلنة والسرّية بين الأتراك ودولة العدوّ الصّهيوني :
* 28 مارس 1949:تاريخ أول معاهدة تقوم بها دولة إسلامية مع دولة العدوّ
* 1950 : اتفاقية تجارية ثانية مع الصهاينة
*1952 : انضمام تركيا رسميا إل حلف شمال الأطلسي
* 1996 : الاتفاقية السرية الأولى في التعاون الأمني
*1997 :الاتفاقية الأمنية العسكرية
وإذا لم يكن أردوغان نفسه متورطا في تاريخ هذه الصّفقات التي تمثّل طعنات قاتلة للعرب ، فإنّه أوّل المتورطين سنة 2012 في اتفاقية دعم التسلح المشترك بين تركيا وما يسمّى بدولة إسرائيل ». وفضلا عن هذا كلّه ألم يكن الأتراك أوّل المؤيدين للعدوان الثلاثي على مصر سنة 1956 ؟ ألم يمدح أردوغان نفسه معمّر القذافي يوم الإثنين 29 نوفمبر 2010 يوم تسلّم جائزته خلال الحفل الذي تنظمه ”مؤسسة القذافي العالمية لحقوق الإنسان“ بمسرح فندق المهاري بطرابلس ؟ ولكن أيّ جميل ردّه هذا المتأسلم للدّولة الليبية غير إرسال الأسلحة والمتفجّرات مع فرق الموت التي أفتى لها الشّيخ القرضاوي بقتل معمر القذافي فسارع هذا الزّعيم التركي بتأييده دون شرط ؟
وإضافة إلى صفقات الغدر التاريخية التي صنعها الأتراك ضدّ العرب جميعهم ، ومازال حزب العدالة والتّنمية يعقدها مع حكومات تل أبيب ، فإنّ أردوغان متورّط تورّطا مفضوحا في جعل تركيا نفسها أرضا مستباحة للأمريكان بالسّماح لهم بتوسيع قواعدهم الجوّية المنتشرة شمالا وجنوبا كقاعدة سينوب وقاعدة بيرنكيك وقاعدة إزمير الجوية وغيرها التي تجاوز عددها عشر قواعد . وليس أدهى من مكر أردوغان ومخاتلته للعرب والمسلمين جميعهم عندما حوّل الأراضي التركية الحدودية إلى معاقل لتدريب مرتزقة الأمريكان من الدواعش لتدمير سورية وتقتيل نسائها وشيوخها وأطفالها ، ليظهر في الأثناء بمظهر القائد الإسلامي الغيور على أمته فيتباكى كذبا على من ساهم في تقتيلهم وتهجيرهم . فعجبي حينئذ لمن يفاخر بانتصارات قوم تاريخهم متأصّل في الخيانة والغدر منذ زمن بعيد.