أظهرت صحيفة "الدايلي ميل البريطانية"،اليوم، وبعد مرور 30 عاما، دليل براءة ليبيا في قضية إسقاط الطائرة "بان آم" والمعروفة باسم قضية لوكربي، والتي اتهم فيها ضابط الأمن الليبي عبد الباسط المقرحي، ظلماً وبناءا على معلومات وشهادات ملفقة.
تقول الصحيفة، إن الحادث قد تم تنفيذه بقنبلة في 21 ديسمبر 1988، لكن أمريكا وبعد مرور 11 عامًا من التحقيقات اتهمت ضابط أمن يعمل بالخطوط الجوية العربية الليبية ويبلغ من العمر 47 عامًا يدعى عبد الباسط المقرحي بناءا على مجموعة من الأكاذيب الملفقة
وأشارت صحيفة "دايلي ميل" إلى أن الليبي عبد المجيد جعاكة كان أحد الشهود السيئين في القضية حيث إدعى هو الآخر رؤية "المقرحي" يحمل حقيبة سامسونايت بنية اللون من صالة القادمين بمطار لوكا فى مالطا بتاريخ 20 ديسمبر 1988.وفي صباح اليوم التالي زعم أن الحقيبة تم تحميلها على متن رحلة إلى فرانكفورت،حيث سيتم نقلها إلى لندن في رحلة طيران "بان آم" لتنفيذ الهجوم
وتواصل الصحيفة بأنه وبناءا على تلك المعلومات الملفقة حكم على "المقرحي" ظلمنا بالسجن مدى الحياة عن طريق محاكمة غير عادلة وغير عادية جرت في قاعدة جوية أمريكية غير مستخدمة بالقرب من أوتريخت بهولندا.
وتؤكد "دايلي ميل" أن عدم الكفاءة والانتقام والنفعية السياسية كانت وراء اللقاء التهمه على ليبيا ومن ثم التغطية على الفاعل الحقيقي من أعلى المستويات في لندن وواشنطن،حيث كشفت الصحيفة أن المهاجم الحقيقي يعيش اليوم فى الولايات المتحدة تحت غطاء برنامج حماية الشهود الأمريكي.
وتقول الصحيفة: بعد سلسلة من التحقيقات امتدت نحو 3 سنوات شارك فيها ضباط ومسئولون على أعلى مستوى من بريطانيا وأمريكا، أشارت الأدلة إلى تورط عناصر من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة.
وقد ألقي القبض على خلايا نائمة من الجبهة في سلسلة من المداهمات التي جرت بألمانيا قبل بضعة أسابيع من حادث لوكربي،حيث تم ضبط قنابل مخبأة في مشغلات راديو كاسيت توشيبا إلى جانب ترسانة وصفتها دايلي ميل بالمخيفة من المتفجرات والأسلحة النارية والذخيرة.
بعد وقت قصير من وقوع الكارثة،نشرت منظمة التحرير الفلسطينية ، الذي قالت الصحيفة بأنها حرصت على تعزيز مؤهلاتها كمنظمة سياسية أكثر منها إرهابية ، تقريراً مؤلفاً من 80 صفحة يزعم أن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة قد تورطت فى حادثة لوكربي بايعاز من إيران.
كما حددت المنظمة رجلاً يدعى أبو الياس كمشتبه به رئيسي وقالت بأنه زار متجر "بان اميت" للاجهزة الألكترونية في هيثرو وزرع القنبلة وبأنه تمكن من الوصول الى منطقة مناولة الأمتعة قبل وقت قصير من إقلاع الرحلة المنكوبة
تتابع دايلي ميل : بعد سنوات تم إقناع العالم بقبول قصة مختلفة تماماً،لكن في سبتمبر 1989،بدأ الدليل على الذنب الإيراني واضحًا إلى درجة أن وكالة المخابرات العسكرية الأمريكية أصدرت بيانًا عامًا تقول فيه إن تفجير الطائرة كان مرخصًا وممولًا من قبل أكبر مهتاشامبور وهو وزير الداخلية السابق لإيران وقد تم التعاقد على تنفيذه مع أحمد جبريل ، قائد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة.
وفقاً للتقرير أيضاً ، فقد تم اختصار وتحديد ذنب مقتل الركاب وطاقم الرحلة المنكوبة ولكن ليس في ليبيا بل قبل خمسة أشهر من وقوع الكارثة وتحديداً في طهران وذلك عندما تم إسقاط طائرة إيرباص 300 إيرانية من قبل السفينة الحربية الأمريكية "يو إس إس فينسين" بتاريخ 3 يوليو 1988.
ووفقاً لأحد ضباط المخابرات الإيرانية السابقين تقول "دايلي ميل" إن المرشد الإيراني آية الله الخميني رد على الحادثة بطلبه القصاص أي بتدمير طائرة أمريكية،عن طريق وكيل قابل للانكار فتمت الاستعانة بضابط سابق في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ويدعي أحمد جبريل وهو مرتبط بالمخابرات السورية والسوفيتية.
وأكدت الصحيفة البريطانية، إن جبريل استعان بدوره بخبير المتفجرات الأردني مروان خريسات لتصميم قنبلة يمكن أن تمر عبر تفتيش أمتعة المطارات ويفضل بأن تنفجر فوق الماء ، وتدمر الطائرة ، وتقتل كل من على متنها ولا تترك أي أدلة، وعندما وصلت رغبة الإيرانيين فى القصاص طلبوا من جبريل أن يحضر إلى طهران وعرضوا عليه أن ينفذ العملية.
وقال التقرير إن وكالة المخابرات الأمريكية والموساد الإسرائيلي قد نجحوا فى مراقبة المكالمة الهاتفية غير المشفرة من لبنان إلى طهران حيث توفرت أدلة على أن السعر المتفق عليه بين جبريل والإيرانيين كان 7.7 مليون جنيه استرليني يدفع منها 1.5 مليون جنيه استرليني مقدماً عند التخطيط والبقية مابعد التنفيذ.
وهكذا تواصل الصحيفة سرد تقريرها : "في عام 1988 ، أرسل جبريل ملازمًا رئيسيًا ، هو حافظ محمد حسين دلقموني البالغ من العمر 30 عامًا إلى مقر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة في مدينة كروسيفاتش الصربية ، حيث تم تخزين الأسلحة والمتفجرات والمواد الأخرى. كانت مهمته هي تنشيط خلايا جبريل العديدة في ألمانيا. وفي الشهر التالي ، تم إرسال صانع القنابل "خريسات" إلى نيوس بالقرب من دوسلدورف ، حيث قامت الشرطة الألمانية بتصوير مجموعة من زواره ، بما في ذلك مبعوث جبريل ألا وهو دلقموني".
كانت ألمانيا تشك فى أن هجوماً على مطار فرانكفورت يجري التخطيط له ولوحظ من خلال التحقيقات شراء المجموعة الفلسطينية لأجهزة الراديو والكمبيوتر والبطاريات والمفاتيح وساعات المنبه والكابلات وجميعها مواد تدخل فى صناعة القنابل كما تم رصد المكالمات الهاتفية إلى مطعم كباب في قبرص كان يعمل بمثابة صندوق بريد لجبريل. وفي اتصال لجبريل مع صانع القنابل في دمشق ، ألا وهو خريسات ، قال إنه أجرى تغييرات على "الدواء" الذي أصبح الآن "أقوى من ذي قبل".
وتابعت دايلي ميل : "في الواقع ، قام خريسات ببناء خمس قنابل ، مخبأة داخل مشغلات راديو كاسيت توشيبا ، يحتوي كل منها على مفتاح بارومتري مصمم بحيث يبدأ تشغيل جهاز التوقيت عندما ينخفض الضغط داخل الطائرة إلى مستوى محدد مسبقاً ، وهذا يعني أن الطائرة ستدمر بعد حوالي 38 دقيقة من إقلاعها وفي 24 أكتوبر وخلال مكالمة أخرى قال خريسات إنه سيتم القيام بالعملية في غضون أيام قليلة.
على إثر ذلك حذرت وكالة المخابرات الأمريكية المركزية من هجوم إرهابي وشيك وشنت الشرطة الألمانية مداهمات على عشرات الشقق ، بما في ذلك مدينة"نيوس وفرانكفورت"واعتقلت خريسات ودلقموني واثنا عشر آخرين وفى حيازتهم أسلحة غير عادية ومعدات لصنع القنابل وكانت سيارتهم تحتوي على أغطية تفجير وساعة منبّهة معدلة لتكون بمثابة جهاز
وتسائلت الصحيفة البريطانية بناءً على هذه الأدلة : "كيف تم إتهام ليبيا بالتورط فى الهجوم رغم وجود كل هذه الدلائل الساحقة ، ولماذا؟ خاصة وقد حكم على عبد الباسط المقرحي ، رئيس الأمن في الخطوط الجوية العربية الليبية ، بالسجن مدى الحياة في عام 2001 ، لكنه أطلق سراحه في عام 2009، واستغل أن ليبيا كانت منبوذة دوليًا في ظل عقوبات اقتصادية صارمة منذ مقتل الشرطية البريطانية إيفون فليتشر بالرصاص أمام السفارة الليبية في لندن عام 1984 ، وكان احتمال رفع هذه العقوبات هو الذي دفع جهاز الاستخبارات الليبي إلى التمويه والبحث عن كبش فداء معقول وفقاً لوجهة نظر الأمريكيين.
هنا برز إسم ضابط الأمن في الخطوط الليبية البالغ من العمر 47 عاماً عبد الباسط المقرحي والذي كان في الخارج للقيام بأعمال تجارية في الفترة مابين 20-21 ديسمبر وقد مر بمطار لوكا المالطي في كلا اليومين تقول الصحيفة : "الدليل كل ما هو مطلوب ، ولحسن الحظ كان لدى وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أيه) شاهد ليبي تقييمه منخفض للغاية هو عبد المجيد جعاكة الذي كان يعمل كميكانيكي فى فرع الخطوط الجوية العربية الليبية بمالطا".
وكانت المفاجأة ، تؤكد "دايلي ميل" بأنه وبعد تقديم مكافأة كبيرة للحصول على معلومات حول تورط ليبيا فى لوكربي ، تطوع جعاكة فجأة وشهد برؤيته للمقرحي وهو يحمل حقيبة سامسونايت بنيّة اللون من صالة القادمين بمطار لوكا في 20 ديسمبر 1988. وفي صباح اليوم التالي ، زعم بأن المقرحي قام بتحميل الحقيبة في رحلة إلى فرانكفورت ، حيث سيتم نقلها إلى لندن في رحلة بان آم وتحميلها على متن الرحلة 103.
وبذلك أصبح جعاكة نجم وشاهد بالمحاكمة إلى جانب صاحب متجر مالطي يدعى ” توني جوتشي ” و الذي شهد بدوره بأنه باع ملابس مماثلة لتلك التي عثر عليها بالقرب من القنبلة لرجل يتناسب مع وصف المقرحي وكان هناك أدلة الطب الشرعي أيضا حيث تم تحديد جزء من لوحة الدائرة الكهربائية التي عثر عليها بعد أشهر من التحطم فى غابة أسكتلندية قريبة من لوكربي ، على أنه جزء من الجهاز الذي أسقط الطائرة المنكوبة .
وكما ذكر ضابط مكتب التحقيقات الفيدرالي ، توماس ثورمان ، أن ذلك الجزء كان جزء من جهاز توقيت إلكتروني صنعته شركة “ميبو” وهي شركة سويسرية تصنع لوحات دارات كهربائية للأجهزة المنزلية ، وقد صدرت بعضها إلى ليبيا وكان أحد الفنيين في شركة ” ميبو ” وهو ” أولريش لومبيرت ” على استعداد للإدلاء بشهادته بأنه صنع هذه اللوحة الخاصة. وفي 14 نوفمبر 1991 ، اتُهم المقرحي و الأمين خليفة فحيمة بالتورط فى الهجوم وذلك عبر مؤتمرات صحفية متزامنة عُقدت في إدنبره وواشنطن طالبت بتسليمهما لكن ليبيا رفضت ذلك الطلب وعرضت محاكمتهما على أراضيها.
لم يتم حل هذا المأزق وفقاً لدايلي ميل إلا بعد مرور حوالي عشر عاماً عندما تم الاتفاق على أن يواجه الليبيان العدالة في محكمة اسكتلندية حددت المقرحي كمذنب وبرأت الأمين فحيمة وهنا المفاجأة الأخرى من دايلي ميل حيث نقلت عن ” إدوين بوليير ” وهو شريك في شركة ميبو رفضه عرضًا من مكتب التحقيقات الفيدرالي بعدة ملايين من الدولارات مقابل أن يشهد للمحكمة بأن الدارات الكهربائية هو جزء تم توفيره خصيصًا لليبيا.
ونقلت دايلي ميل بأن أولريش لومبيرت قد إعترف بأنه كذب. كما اعترف بسرقة جزء من لوحة توقيت من مصنع ميبو وتسليمه إلى شخص رسمي يحقق في قضية لوكربي
وفي وقت لاحق تم الكشف عن ثيرمان وهو خبير المتفجرات في مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) ليكون خريجا في مجال السياسة دون أي تدريب علمي ذي صلة وقد قام بتغيير التقارير المعملية لمصلحة الادعاء في 30 حالة.
حتى شاهد الإثبات ألا وهو صاحب متجر غاوتشي المالطي كان وفقاً لدايلي ميل غير نزيه ولم يتم إخبار المحكمة بأنه قد تعرف في البداية على صورة لمشتبه فيه بالإرهاب مختلف تماماً عن المقرحي ولم يتطرق في شهادته من خلال 18 شهادة إضافية إلى تغيير وصف الملابس فى الشهادة بما يتلائم مع ماكان يرتديه المقرحي فيما لم يتم الكشف عن المكافأة التي تحصل عليها من وكالة المخابرات المركزية.
وتقول الصحيفة إن عدد قليل من الأشخاص الذين تابعوا المحاكمة ، بما في ذلك من بعض أقارب الضحايا ،اعتبروا الحكم إجهاضاً جسيماً للعدالة.
في 20 أغسطس 2009 ، أُطلق سراح المقرحي بعد وصوله إلى المراحل النهائية من المعاناة مه سرطان البروستاتا ولأسباب رحيمة تم قبول استئنافه ضد حكم الإدانة وبعد وقت قصير من عودته إلى ليبيا ، نفى "أليستير دارلنج" مستشار المحكمة آنذاك ، والوزير الأول الاسكتلندي "أليكس سالموند" أن الإفراج كان له علاقة باتفاق أبرم مع الحكومة الليبية بشأن عقود النفط لشركة بريتش بتروليوم" .
ومع ذلك تؤكد الصحيفة بأن هناك سبب آخر وراء أن الإفراج وهو الذي قد يكون مناسبًا من الناحية السياسية حيث سعى فريق المحاماة عن المقرحي استدعاء مئات الصفحات من الأدلة التي تم حجبها من محاكمته الأصلية والتي كانت ستربط القضية إن خرجت بإيران وبالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة ، بدلاً من المقرحي وليبيا ما سيؤدي إلى إحراج كبير لكل من لندن وواشنطن.
فقد توفي المقرحي في منزله مع عائلته بطرابلس في 20 مايو 2012 ومن خلال آخر حديث قبل وفاته بوقت قصير أكد على برائته وعلم أهالي الضحايا بذلك، كما تعرض الفلسطيني أحمد جبريل لمحاولة إغتيال بواسطة قنبلة على جانب الطريق وضعتها مجموعة مرتبطة بالقاعدة في 26 أغسطس 2014. وتوفى صانع القنابل مروان خريسات في أكتوبر من عام 2016 كذلك.
وختمت الصحيفة تقريرها بأن الشخص الغامض المكنى أبو إلياس فقط هو من لازال على قيد الحياة وهو الذي يُزعم أنه الشخص الأكثر احتمالاً لوضع حقيبة سامسونايت التي تحتوي على القنبلة فى الطائرة المنكوبة مؤكدةً بأن هذا الشخص قد تمت تسميته في البرلمان الاسكتلندي عام 2009 ويعتقد أنه يعيش في العاصمة واشنطن في إطار برنامج حماية الشهود ويعمل من قبل سلطة التعليم المحلية تحت اسم بازل بشناق وقالت : "إذا كان هذا صحيحًا ، فهذه هي الفضيحةالتي قد تتوج القضية الدنيئة برمتها".